15 نوفمبر 2025
تسجيلنستحضر هذه الأيام ذكريات شهدناها قبل عام، حيث كانت أجواء حماسية، رياضية، ثقافية وسياحية، اكتظت الدوحة بالمشجعين من حول العالم مع انطلاق حفل افتتاح كأس العالم قطر 2022 النسخة الثانية والعشرين من بطولة كأس العالم لفرق الرجال الوطنية، حيث تقام كل أربع سنوات وتتنافس عليها المنتخبات الوطنية الأعضاء في الاتحاد الدولي لكرة القدم، وتُعتبر قطر أول دولة عربية إسلامية تستضيف كأس العالم، وتُعد هذه النسخة الأغلى حتى الآن حيثُ قُدّرت تكلفة الاستضافة بأكثر من 220 مليار دولار، 8 مليارات دولار هي التكلفة الفعلية للاستضافة أما باقي التكلفة فتم صرفها على تطوير البنية التحتية الشاملة والعمران في قطر، وشارك في هذه النسخة 32 فريقاً وتوجت الأرجنتين للمرة الثالثة بطلاً لكأس العالم، وحلت فرنسا وصيفاً وكرواتيا في المركز الثالث والمغرب حصدت المركز الرابع، وتشير الاحصائيات إلى أن الأهداف التي تم تسجيلها خلال مونديال قطر 2022 كانت 172 هدفا، وتجاوز الحضور ال 3.404.252 بواقع 53.191 لكل مباراة، وتوجَ الأرجنتيتي ليونيل ميسي كأفضل لاعب للبطولة. وبالرغم من المحاولات الدؤوبة لوقف استضافة قطر للمونديال لأكثر من 10 سنوات إلاّ أنها أُقيمت ولله الحمد وكانت نسخة استثنائية بكل المقاييس وباعتراف كافة الدول الغربية الذين أبهرهم التنظيم والترتيب والترحيب وحُسن الاستقبال ناهيك عن الملاعب الضخمة والمجهزة بأعلى التقنيات الفنية والمكيّفة والسلسلة في الدخول والخروج، ولعل أهم ما حرصت عليه قطر في هذه الاستضافة التمسك بالهوية الإسلامية ومنع الكحول في الملاعب مما أضفى جواً حماسياً مسالماً لدى بعض المشجعين المتعصبين والذين قد يفقدون السيطرة على انفعالاتهم أثناء الخسارة، أمّا الهوية العربية والقطرية فقد كانت حاضرة منذ اللوحة الأولى في الافتتاح مما يعزز الهوية الوطنية ويعكس تَمسّك قطر بإرثها الحضاري وعاداتها وتقاليدها وقدمت مثالاً للأصالة لكل الزوار العرب والغرب. وأسدل الستار على مونديال قطر 2022 ولكن لم تَجف الأقلام عن الكتابة عنه ولم تَصمت الأفواه من التحدث عن استثنائيته ولم تكف الذاكرة عن استرجاع اللقطات الجميلة والتي حُفرت في الذاكرة للمشجعين وهم يتجولون في الدوحة وخاصة سوق واقف الذي كان الملاذ لكل المشجعين يومياً خلال المونديال، والمترو المميز الذي شهد الأهازيج للمشجعين ودرب لوسيل الذي كان يشهد احتفالات المشجعين بفوز فرقهم يومياً، والكورنيش الذي أُقيمت عليه فعاليات عدة وكتارا التي عكست ملامح الثقافة القطرية للزوار وغيرها من الأماكن التي انتعشت سياحياً في فترة المونديال كم شعرنا ومازلنا نشعر بالفخر والاعتزاز لنجاح قطر في تنظيم المونديال الذي عَرّف الغرب على الإمكانيات العربية والقطرية تحديداً، بل وتغلبت قطر على كثير من الدول في هذا التنظيم المميز حيث لم تَشهد الملاعب أي أعمال شغب أو تخريب كما تشهدها بعض المباريات، وعَبّرت كثير من السيدات عن ارتياحهن أثناء حضور المباريات فلم يتعرضن لمضايقات كما يحدث في بعض الدول، وكانت الأجواء عائلية ومريحة للجميع وتنوعت الفعاليات في كل إنحاء قطر، وتَمّكن المشجعون من حضور أكثر من مباراة في نفس اليوم نظراً لقرب المسافة بين الملاعب، وخاض السيّاح تجربة الأجواء البرية في سيلين والعديد وغيرها كما جربوا السباحة في شواطئ الدوحة وتعرفوا على متاحفها وأسواقها وشعبها الذي كان ينتظرهم بالضيافة عند الملاعب، فعلاً كانت نسخة لن تُنسى من كأس العالم، وقد لا يأتي مثلها أبداً، وإن حصل ذلك ستظل قطر الدولة العربية الأولى التي استضافت مونديال كأس العالم في 2022 ونجحت في تنظيمه نجاحاً منقطع النظير على كل الأصعدة. • قطر في 2010 وعدت بأن تقُدم نسخة لن تُنسى من كأس العالم ووفت بوعدها وأبهرت العالم بتنظيم رائع وأعطت درساً لكل من استهدفها وشكك في قدرتها بتقديم نسخة استثنائية ستبقى خالدة في الأذهان ويذكرها التاريخ مع كل نسخة جديدة، فلم يكن نجاحاً قطرياً فقط بل كان عربياً ومفخرة لكل المسلمين والعرب.