06 نوفمبر 2025

تسجيل

"ارْجِعْ إِلَيْهِمَا"

26 أكتوبر 2020

كم من أب محزون فمن يُعيد إليه فرحته؟ وكم من أم مكلومة فمن يرجع الابتسامة لثغرها؟ وكم من أب مهموم فمن يزيل عنه الهموم؟ وكم من أم تخرج من صدرها الآهات والأنّات فمن يسقيها شراب الراحة والطمأنينة؟ وكم من أب أتى عليه التفكير فمن يمدُ يداه ليذهب عنه موجعات هذا التفكير ويريح باله؟ وكم من أم دموعها ليلاً تسيل على خديها وأنتما في نوم عميق؟ وكم من أبٍ وأمٍ لم يُذوقا طعم النوم بسبب ما يأتيه الأبناء والبنات من مشكلات تهدُّ من حالهما وتذهب عنهما راحة الفراش إذا أخلدا للنوم؟ كم وكم...؟ ألا من ابنٍ رشيد؟!، ألا من ابنة ذات عقل سديد؟! أم على قلوب أقفالها؟، أم على عقول صديدها؟! إنهما ينتظران من الابن والبنت أن يُعيدا لهما فرحتهما وابتسامتهما وراحتهما. إنها رسائل من الحياة للأبناء والبنات صغاراً كانوا أم كباراً، ومهما كان مستواهم الاجتماعي، أيها الأبناء والبنات لا تظنوا أن البر فقط بزيارتهما، أو التصدق عنهما، وبناء مسجد لهما، وحفر بئر لهما، أو الذهاب بهما إلى المستشفى، أو أخذهما إلى المطعم - وقد يكون هذا مجاملة - ومع هذا فهو خير. ولكن أن تأتيا وتضيفا على حياتهما الكآبة والحزن والألم والمرض، ويحوطهما الهم والغم والتفكير الموجع، مع انه بيدكَ أيها الابن، وبيدكِ أيتها البنت - حفظكما الله ووفقكما لمرضاته - إزالة كل هذا عن والديكما، فلماذا هذا العناد والجفاء في حقهما وتغليب مصلحتكَ عليهما؟، وماذا ستخسر إن حملتَ أو إن حملتِ لهما أخباراً سارة مفرحة تُعيد لهما أو لأحدهما البهجة والابتسامة على محياهما، خبر يُعيد حياتهما وراحتهما من جديد، ألا من ابنٍ رشيد؟، ألا من ابنة ذات عقل سديد؟، أم على قلوب أقفالها؟، أم على عقول صديدها؟. لا يأخذكَ الكبر، ولا يأتي عليكِ الغرور والعجب بأن هذه أمور لا تعني الوالدين، فأنا كبير، وأنا مستقلة برأيي، ولا أحد يتدخل في شؤوني الخاصة، حتى ولو كان من الوالد والوالدة، فهذا أمر ليس من حياتهما، يقال لك كما قال قدوتكَ وقدوتكِ رسول الله صلى الله عليه وسلم معلّم الناس الخير "ارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتُهُمَا"، فمن يُدرك حقيقة هذا المعنى والتوجيه النبوي الشريف في مساحات البر الواسعة؟، فالتوفيق والسداد لهذا البر والتحرك الإيجابي لهذا المعنى "ارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتُهُمَا" من الله تعالى. فالله در من يأتي على هذه المقاصد من البر بصدق، ويُعيد للأب وللأم فرحتهما وضحكتهما قبل فوات الأوان، أنتَ تقدر.. وأنتِ تستطيعين.. فقط تحركا والخير يصحبكما في حياتكما. ويا سقى الله تعالى كل من يُعيد الابتسامة والفرحة لوالديه إن كانا على قيد الحياة أو أحدهما، وإن غادرا الحياة كلاهما أو أحدهما فأعانكَ وأعانكِ لقد خسرتما شيئاً كثيراً فمن يعوضكما بعد ذلك؟. "ومضة" إذا أنتَ لم تستوعب، وإذا أنتِ لم تفهمي دروس "ارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتُهُمَا" وما احتوت وأتت عليه من معان عظام، فعظم الله أجركما وأحسن عزاءكما في موت قلبكما وضياع عقلكما!.. كفى!. [email protected]