09 نوفمبر 2025

تسجيل

تآكل صبر الوسطاء الأفارقة على خلافات السودانيين!

26 أكتوبر 2015

ملّ الوسطاء الأفارقة من خلافات السودانيين، لاشك في ذلك، ويدل عليه رفض الآلية الإفريقية رفيعة المستوى التي يقودها الرئيس ثابو أمبيكى، رئيس جنوب إفريقيا السابق، رفضها تلبية الدعوة التي وجهتها إليها الحكومة السودانية لحضور الجلسة لافتتاحية لما سمي بمؤتمر الحوار الوطني الذي عقدته الحكومة السودانية بمن حضر من الأحزاب المتحالفة معها أصلا. وقالت الآلية الإفريقية في لغة دبلوماسية هادئة ولكنها معبرة: إنها كانت تفضل إرجاء هذا المؤتمر لمزيد من التشاور والتحضير، الآلية الإفريقية رفيعة المستوى أرادت أن تقول إن مؤتمر الحكومة هذا قد تقاطع مع جهودها الحثيثة لإحداث اختراق حقيقي في ملف القضية السودانية الذي طال واستطال أكثر من اللزوم، بل مضت الآلية الإفريقية إلى مدى أبعد في الإعراب عن رفضها لخطوة الحكومة الأحادية حين أعادت تقديم الدعوة مجددا للفرقاء السودانيين لعقد مؤتمر حوار شامل لا يكون على شاكلة مؤتمرات الحكومة المعهودة. الشرخ المستتر في العلاقة بين الحكومة السودانية وبين الآلية الإفريقية وضح بصورة أكبر عندما أرسلت الحكومة السودانية وزير خارجيتها على عجل في مهمة مزدوجة في جنوب إفريقيا، شقها الأول يتعلق بإيصال عتاب ناعم للآلية لإعادتها فتح ملف مؤتمر الحوار التحضيري في العاصمة الإثيوبية مجددا رغم علمها المسبق برفض الحكومة القاطع لقيام هذا المؤتمر.أما الشق الثاني فيتعلق بالسيطرة على مجريات الخلاف بين الطرفين وحصره في الحدود السرية ومعالجته بالطرق الدبلوماسية بعيدا عن الصخب الإعلامي.لم يرشح شيء له بال عن مهمة وزير الخارجية السوداني في جنوب إفريقيا، ولكن صمت الطرفين هو لغة دبلوماسية تقول الكثير بالصوت الخفيض، فلابد أن الوزير قد سمع من الآلية رفيعة المستوى عدم رضا واضح إزاء زوغة الحكومة من اتفاقها مع الآلية في وقت سابق على خارطة طريق لمسار القضية السودانية يشكل المؤتمر التحضيري أهم معالمها، الأمر الذي حتَّمَ على الآلية التمسك به وإعادة الدعوة لانعقاده. وربما سمع الوزير أيضاً أن المزاعم التي تحللت بها الحكومة من موضوع المؤتمر التحضيري بعد الموافقة المبدئية عليه فيها الكثير من عدم الصدقية، مثل القول بعدم رغبة الحكومة في إدخال أطراف خارجية في مجريات هذا الحوار، باعتباره حوارا سودانيا خالصا، في حين يعكس الإعلام الحكومي يمارس تلهفا كبيرا وتقريظا لجهود السفارة الأمريكية لدفع الحوار وإقناع عدد من حاملي السلاح للالتحاق بجلسات الحوار، في تناقضات تعكس حالة رزق اليوم باليوم التي تسير عليها الحكومة في تعاملها بالقطاعي مع هذا الملف الشائك. المعارضة السودانية بشقيها المدني والعسكري تستأسد وتتمسك بشروطها المعلنة ولن تتنازل عنها باعتبارها شروط الحد الأدنى. وتنسجم معها مواقف دول الترويكا الثلاثية (الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج)، ومواقف الآلية الإفريقية رفيعة المستوى لجهة عقد المؤتمر التحضيري في مدينة أديس أبابا، العاصمة الإثيوبية. الآن تدور الأيام دورتها وتجد الحكومة السودانية نفسها أمام ضغوط لا قبل لها بها، فإن هي رفضت فكرة عقد المؤتمر التحضيري، ستجد نفسها في مواجهة مكشوفة مع الأمم المتحدة، ومع الترويكا الأوروبية ومع الاتحاد الإفريقي، فضلا عن معارضة متحدة حصلت للتو على مباركات دولية وإقليمية لم تتوفر لها من قبل.