09 نوفمبر 2025
تسجيلقال صاحبي: لقد كان الإسلام نسراً محلقاً، يصل إلى قمم الجبال الشوامخ، ويطل على العالم الفسيح ككل متصل، ثم أصبح كبط الترع، له جناحان، ولكن لا يرفعانه عن مستوى الماء الضحل، لقد تقصلت عالمية الإسلام، وكونيته، فأصبح ديناً محلياً وهو الدين السماوي الذي جاء رسوله، ليخاطب الدنيا قاطبة، خاطب القرآن النبي بقوله: "قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم" ورب المسلمين، هو رب المشارق والمغارب، وهو رب العالمين والخطاب في القرآن موجه للناس، وقاعدة الإسلام الكبرى: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا" وقول الرسول صلى الله عليه وسلم "كلكم لآدم". بدأ الإسلام قوة عالمية، واستمر قوة عالمية حتى سقطت دول المسلمين في يد الاستعمار. قال صاحبي: كيف حدث هذا؟! أرجو تفصيلا في هذه النقطة. قلت: حباً وكرامة. منذ الأيام الأولى وجهت دعوة الإسلام إلى أكاسرة وقياصرة وأمراء القوى الكبرى في العالم، وجهت إليهم من هذه القرية الصغيرة "مكة" فوصلت إلى حواضر الحضارة المزدهرة، وبقي الإسلام قوة عالمية في صور مختلفة: تارة بما ينقله للعالم من ثقافة العلماء القدامى التي أثرت في عقول البشر وصاغت أفكارهم حتى اليوم، وتارة بما يضيفه إلى علم الإنسانية من طرق مستحدثة، وتعديلات غير مسبوقة، وتارة ثالثة بما قدمه من نماذج بشرية عالية في دنيا الفلسفة والعلم وقيادة الجيوش، وتارة رابعة بالصراع الذي نشب بينه وبين العالم المسيحي، وأخذ صورة الحروب، وصورة السياسة، وبمناورات ومحاورات، أو بمعاهدات ومحالفات، وقد تشكل تاريخ الإنسانية بهذه الحروب العالمية، الحروب مع امبراطورية بيزنطة، التي انتهت بسقوط القسطنطينية في يد المسلمين، وبحروب أمراء الغرب ضد دولة المسلمين في الأندلس، التي انتهت بانتصار "شارل مارتل" في بواتيه، على أن الحرب الصليبية، التي استمرت قرنين أفادت المعسكرين، فقد وحدت المسلمين، وأدت إلى دنو القبائل التركية من أواسط آسيا إلى الشرق الإسلامي، كما أتاحت للمسيحيين أن يدركوا مدى تخلفهم عن أهل الشرق، فكانت بداية عصر النهضة عندهم، إذ نقلوا عن المسلمين ما نقلوا. وكان آخر مراحل حياة الإسلام العالمية، نشوء الدولة العثمانية، التي بدأت حياتها بدخول "عثمان باديشاه" مدينة بورصة سنة 1317م. هذا وللحديث بقية.