13 نوفمبر 2025

تسجيل

قطرُ قالتْ ما عندها

26 يوليو 2017

مرتْ أيامٌ على خطابِ السيادةِ والكرامةِ الوطنيةِ الذي وجَّهَـهُ سموُّ الأميرِ الـمُفدى لشعبِـهِ والأشقاءِ العربِ والعالمِ، وأكَّـدَ فيه على قبولِ بلادِنا بالحوارِ الـمبني على احترامِ السيادةِ وعدمِ اللجوء للإملاءاتِ، لكن دولَ الحصارِ لم تزلْ مُصرةً على ممارسةِ السياسةِ إما بالتغريداتِ، أو بتهريجِ الـموظفِ الظبيانيِّ في القاهرةِ؛ عبد الفتاح السيسي، كاشفةً عن إصرارِها على نَهْـجِ العصورِ الوسطى في التعاملِ بين الدولِ. وقد استمعتُ للخطابِ مراتٍ، وقرأتُهُ مكتوباً مراتٍ، فكنتُ أجدُ فيه كلَّ مرةٍ أموراً تنقضُ ادِّعاءاتِ الحلفِ الظبيانيِّ، وتُبيِّنُ الفرقَ بين الأخلاقِ الرفيعةِ لبلادنا، قيادةً ومسؤولين سياسيين وشعباً، والانحدارِ الأخلاقيِّ والسياسيِّ في إعلامِ أبوظبي وحلفائها الذي صارَ بعضُ مُهرجيه يقومونَ بمهامِ وزراءِ الخارجيةِ في تلك الدولِ بصورةٍ مُسِـفَّةٍ تُدمرُ مجلس التعاونِ، وتحطمُ الروابطَ بين شعوبِـهِ. ثم غصبتُ نفسي على متابعةِ قنواتِهِم الفضائيةِ لأعرفَ توجُّهاتِهِم بعد الخطابِ، فهالَني كَـمُّ الجهلِ الفاضحِ في برامجِـها، ومقدارُ جرعاتِ الكراهيةِ والأحقادِ التي لا يزالُ مُعِـدُّوها ومُقَـدِّموها يُسَمِّمونَ بها عقولَ ونفوسَ الشعوبِ في دولِـهم، وساءني أنْ تُتاحَ الفرصةُ فيها لكلِّ مترديةٍ ونَطيحةٍ للاستمرارِ بالإساءةِ إلى الشخصياتِ الاعتباريةِ الساميةِ في بلادِنا بطريقةٍ تُغلقُ أبوابَ التواصلِ التي نُصرُّ بقيادةِ سموِّ الأميرِ على إبقائها مُشْرَعةً. ولكنَّ ذلك، كلَّـهُ، لن يؤثِّرْ في القِـيَمِ الأخلاقيةِ والوطنيةِ التي تميَّزَ بها خطابُ سموِّهِ، ولا في الرسائلِ الضِّمنيةِ التي احتوى عليها، ويبدو أنَّهم لم يقرؤوها جيداً، أو قرؤوها لكنهم تجاهلوها لأنَّهم يتمنونَ حدوثَ متغيِّراتٍ سياسيةٍ يوهمُهُم بها الـمندوبُ الصهيونيُّ السامي في خليجنا العربيِّ؛ محمد دحلان. ولذلك، لابدَّ من توضيحِها لهم بلغةٍ بسيطةٍ يفهمونها.1) عندما يخرجُ سموُّهُ بهذا الثباتِ والسموِّ الأخلاقيِّ متحدثاً بهدوءٍ كرجلٍ دولةٍ حكيمٍ، فإنما يُعبِّرُ عن قوةِ موقفِ بلادِنا، وإصرارِنا على الحفاظُ على السيادةِ الـمُطلقةِ لها، ورَفْضِـنا لأيَّـةِ إملاءاتٍ بشأنِ سياساتِنا الداخليةِ والخارجيةِ. 2) بعد اللهِ تعالى، يستندُ سموُّهُ على شعبِـهِ الذي يقفُ صفاً واحداً حولَ قامتِـهِ الشامخةِ في الدفاعِ عن سيادةِ قطرَ الحبيبةِ، والإنجازاتِ العظيمةِ التي حققتها داخلياً وخارجياً، والـمستوياتِ العاليةِ التي بَلغتها في ضمانِ حياةٍ كريمةٍ حرةٍ لـمواطنيها والـمقيمينَ على أرضها الطاهرةِ. هذا الشعبُ الحيُّ الكريمُ، كانَ الدرعَ الأولَ الذي تكسَّرَتْ عليه أمواجُ عواصفِ الـمؤامرةِ حين رفعَ شعارَ: قطرُ وطنُنا، وتميمُ الـمجدِ قائدُنا، وهما الروحُ والقلبُ لنا. 3) إشارةُ سموِّهِ لقبولِ بلادِنا بالحوارِ الـمَبني على احترامِ سيادةِ الدولِ، كانت طوقَ النجاةِ لدولِ الحصارِ لتخرجَ من أزمتِها السياسيةِ والأخلاقيةِ، وينبغي عليها استثمارُها جيداً بدلاً من الـمُضي في العنترياتِ التي تقودُ الـمنطقةَ كلَّها إلى الفوضى، ولن تكونَ في مصلحةِ أي طرفٍ. 4) تحملُ الإشارةُ السابقةُ، أيضاً، تأكيداً على أنه لم يعدْ ممكناً استمرارُ مجلسِ التعاونِ بنفسِ الآلياتِ والرؤى البائسةِ التي كانتْ سائدةً قبلَ الحصارِ، والقائمةِ على التهديدِ والوعيدِ وفَـرْضِ الـمَطالبِ. بل يجب البحثُ الجادُّ عن آلياتٍ ورؤًى جديدةٍ فيها حداثةٌ ومَدنيةٌ وتَحَضُّرٌ والتزامٌ بالقانونِ الدَّوليِّ. 5) عندما يتحدثُ سموُّهُ عن ضمانِ حياةٍ كريمةٍ لأجيالِنا القادمةِ، فإنَّـهُ يقولُ، بوضوحٍ، إنَّ الحصارَ لم يؤثِّرْ على بلادِنا، حكومةً وشعباً، وإنَّها تتعاملُ معه كحدثٍ عَرَضيٍّ زائلٍ لا يُعيقُ مسيرتَها بثباتٍ نحو الـمستقبلِ الواعدِ بكلِّ خيرٍ. 6) رغمَ جرائرِ جريمةِ الحصارِ، لم تغبْ فلسطينُ وجراحُها الغائراتُ عن خطابِ سموِّهِ. فبعدما صار الأقصى كاليتيم على موائدِ اللئامِ، يستصرخُ نخوةَ القادةِ العربِ فينشغلُ بعضُهُم عنه بالكَيدِ للعربِ، اهتزَّ قلبُ سموِّهِ نخوةً وفزعةً لأولى القبلتينِ وثالثِ الحرمينِ الشريفينِ، وأعلنَ تضامنَ بلادنا مع أقصانا، ونُصرتَها له، بينما لاذَ الآخرونَ بصمتِـهِم الـمُهينِ منشغلينَ بكلِّ شيءٍ إلا فلسطين والأمة والإسلام والعروبة. كلمةٌ أخيرةٌ: يا سموَّ الأميرِ، تحدثتَ بما في نفوسِ أبناءِ شعبك من إسلامٍ وعروبةٍ ووطنيةٍ، فكان خطابُك جامعاً لقلوبِ العربِ والـمسلمينَ على مساندةِ بلادَنا. بارك اللهُ بلادَنا وقائدَها وشعبَها.