16 نوفمبر 2025
تسجيلالقيم الغربية عديدة ومتنوعة، لا شك في أن كثيرًا منها راقية ومحترمة، والحضارة الغربية التي تسيطر على التاريخ البشري لعدة قرون إنما هي نتاج علم وعمل جاد، وإن صاحبتها مخالفات وتجاوزات هنا وهناك خلال بناء هذه الحضارة، فردية كانت أم جماعية، إلا أنها حضارة تسود العالم اليوم ولا أحد ينكر هذا. لكن من حركة التاريخ والسنن الإلهية، تعلمنا أن الحق يبقى دومًا وينتصر في أي جولات صراع أو تنافس، وإن تقهقر حينًا من الزمن وتأخر وانزوى، فالباطل مهما علا وتجبر وتكبر، فهو إلى زوال لا محالة، فالمسألة ها هنا هي مسألة زمن ليست إلا. مما يؤدي بالحضارات الكبيرة إلى أن تنهار، هو الظلم بالدرجة الأولى، والظلم هذا لا ينتشر إلا عبر نفاق أو ازدواج معايير في التعامل مع الأمور، وهذا هو ما بدأ يتضح يومًا بعد آخر في التعاطي الغربي بشكل عام مع قضايا تعاني منها غالبية شعوب ودول العالم، والمتمثلة في جرائم القتل بدم بارد وأحيانًا وفق رؤى وتفسيرات خاطئة لا يمكن تبريرها لتمريرها، إلا عند من يقوم بها أو له مصلحة فيها بصورة وأخرى. الغرب اليوم في تعامله مع قضايا الإرهاب مثلًا ومنذ أحداث سبتمبر في الولايات المتحدة، صار يتعاطى مع الأمر بحسب مصالحه، فما يتوافق معها يجد له تبريرًا لينفذ من تهمة الإرهاب، وما لا يتوافق ورؤاه أو مصالحه فلا يترك له مجالًا للنفاذ، والتهمة تكون جاهزة بكل توابعها وما سيترتب عليها. حتى لا نطيل في الحديث، فقد كان الانقلاب الفاشل في تركيا من أبرز الأمثلة على ما نقول، وكان بمثابة ضربة موجعة جدًا، والتي على إثرها انكشف الغرب كثيرًا، سياسة وإعلاما، وظهر واضحًا جليًا ليس للخبراء والمهتمين فحسب، بل حتى للعوام من الناس، أن الغرب يتعامل مع القضايا الإسلامية بشكل عام بازدواجية ومعايير مختلفة. قارن، إن شئت التعرف على مثال عملي واضح على هذا الأمر، بين تعاطي الغرب مع انقلاب العسكر في مصر وانقلابهم في تركيا. ستلاحظ فرقًا هائلًا وازدواجية بالغة العمق في التعامل والنظر إلى الأمرين، وهما واحد لا فرق. ادرس المثالين وتأمل فيهما، وستجد كم هذا الغرب يزداد نفاقًا، بل أحسبه لن يتورع ويتوقف عن هذه السوءة قريبًا ما لم يجد الرادع المناسب، وهو في الأفق القريب لا وجود له.