13 نوفمبر 2025
تسجيلتظل الصحافة وعاء الثقافة الذي ينقلها إلى هواتها ومحبيها ومتابعي اخبارها، كما تحتضن المواهب الشابة التي قد يكون لها شأنها اللافت في المستقبل، كما أنها النافذة التي يطل من خلالها المبدعون على قرائهم، وفي حالات كثيرة كانت للصحافة الفضل في إبراز بعض الكتاب في مجالات كثيرة، وقديما كانت الثقافة هي المسيطرة على الصحافة يوم كانت إدارتها بأيدي الأدباء المبدعين شعرا ونثرا، لكن رسالة الصحافة لم تعد مقتصرة على الثقافة والإبداع، بل شملت: السياسة والاقتصاد والصناعة وشئون المرأة والحياة العامة، بعد طغيان الخبر والصورة على العمل الصحفي، مما يستوجب متابعة الأخبار وقت وزمان حدوثها، وهي مهمة أسهمت في أدائها أيضا وسائط معرفية أخرى ورقية وإلكترونية، وبشكل واسع. لكن الثقافة والأدب تحديدا، لم تختف من الصحف، وظل الاهتمام بها مستمرا لكن بنسبة ضئيلة من حجم العمل الصحفي ككل، وهو يتراوح في أحسن الحالات بين صفحة أو صفحتين يوميا، وملحق أسبوعي يحمل مادة أدبية أكثر عمقا وشمولية، مع احتمال تقلص هذه المساحة في صحف كثيرة، عندما يتسرب إليها الإعلان ليستحوذ على جزء لا يستهان به من المساحة المخصصة للثقافة والأدب، والصراع ما زال مستمرا بين مسئولي الأقسام الثقافية والأقسام الإعلانية، في معظم الصحف إن لم نقل كلها، وهذا التوتر في العلاقة بين الجانبين يمكن حسمه من خلال القيادات الصحفية التي تقرر إلى أي جانب تنحاز!. لكن بعض هذه القيادات لا علاقة لها بالثقافة والأدب، وبالتالي لا يعنيها إن ألغيت الصفحة الثقافية نتيجة ورود إعلان ضاقت به الصفحات الأخرى ليستقر مطمئنا في صفحات الثقافة والأدب، وهذه هي الفجوة التي أشرنا إليها في عنوان هذا المقال، أي بين المحرر الثقافي والقيادة الصحفية، وإذا اتسعت هذه الفجوة بين الطرفين، لا بد أن تكون ضحية ذلك الثقافة والأدب، في معظم الأحيان، وهو أمر كثيرا ما يحرج المحرر الثقافي الذي يفاجأ بتحييد مادته، لأن القيادة الصحفية، تعتبر الثقافة والأدب من سقط المتاع، وربما لا تعرف من أسماء المثقفين والمبدعين وإنتاجهم شروى نقير، وقديما قيل فاقد الشيء لا يعطيه.. ولردم هذه الفجوة بين جهل القيادة الصحفية بشئون الثقافة والأدب، وبين طموحات محرري الثقافة والأدب، لا بد من ترك المسألة برمتها للقسم الثقافي، دون تدخل من القيادة الصحفية في تحديد ما ينشر ومالا ينشر، باعتبار أن القيادة الصحفية لها مهماتها الأكبر من منع نشر أخبار وصور الأديب الفلاني أو الشاعر العلاني، وإذا كانت هذه القيادات الصحفية تتدخل تدخلا سافرا في عمل رؤساء الأقسام الثقافية وغيرها، فلماذا قامت بتعيين رؤساء لهذه الأقسام ما دامت النية مبيتة لتجريدهم من صلاحية العمل والنشر وفي الأطر العامة لسياسة الصحيفة، ثم الإصرار على التدخل في عملهم دون مبرر، مع أن اختيارهم في الغالب يتم على أساس الثقة فيهم لأداء أعمالهم على الوجه المطلوب مهنيا. لكي تنجح أقسام الثقافة والأدب في الصحف، لابد ان تمنح الثقة لإداء عملها كما تراه هي لا كما تراه القيادات الصحفية، التي تتوزع اهتماماتها بين جميع الأقسام، ولدرجة التدخل في عمل هذه الأقسام، فالقيادة الصحفية ليست ضليعة ولا متخصصة.. في الاقتصاد أو الصناعة، أو الثقافة والأدب أو حتى السياسة وغيرها من أقسام التحرير، وهي في هذه الحالة ملزمة بأن تمنح رؤساء هذه الأقسام فرصة العمل دون وصاية عليها، ومن يقصر أو يخطئ يتم التعامل مع ذلك بشكل يضمن عدم تكرار التقصير أو الخطأ، ومن منظور مهني، بدلاً من أن تشغل هذه القيادة الصحفية وقتها في متابعة هذا القسم أو ذاك متابعة دقيقة تلغي دور رئيس القسم نفسه.. عليها دعم العمل التحريري ككل والاعتماد على الكوادر المتميزة القادرة على العطاء بكفاءة عالية، إذا ابتعدت عنها قبضة القيادة الصحفية، وتدخلاتها غير المبررة. [email protected]