07 نوفمبر 2025

تسجيل

دعم المانحين لليمن.. هل يقلب الصفحة نحو السعادة؟

26 مايو 2012

حافلاً كان أسبوعنا الماضي بالأخبار والأحداث الساخنة سخونة تفوق الأجواء الحارة التي تلف منطقتنا العربية التي ينتظرها قيظ ملتهب كعادة أشهر الصيف هنا. فقد انطفأ في القاهرة صوت المغنية وردة بينما كانت عموم مصر تجوب مراكز الاقتراع لانتخاب رئيس مصر القادم في حدث تاريخي مهيب. وفي ميدان السبعين في صنعاء اليمن كان مشهد أشلاء جنود استعراض الميدان المتناثرة مؤلماً بشعاً جراء التفجير الغاشم. بينما المنطقة الخضراء في بغداد تحتضن المباحثات حول المشروع النووي الإيراني مع مجموعة 6+1 الأمر الذي انعكس على المخاوف المحلية من تفجر حرب جديدة في المنطقة بسبب هذا البرنامج. أما أصدقاء اليمن فكانوا يتوافدون إلى الرياض من أربعين دولة لبحث سبل الدعم لهذا البلد المنهك. وظلت الأخبار من سوريا مستمرة تحمل مراس آلة القمع والقتل للمطالبين بالكرامة والحرية. أيضا في لبنان تفجرت حالة الحنق المتأزمة إثر عوامل الجوار مع سوريا. وهكذا لاحقتنا الأخبار بصور الأحداث ومجرياتها لتزيد في حجم توترنا جميعا دون أن يكون في جعبتها ما يحمل بشائر ناجعة لجملة الأحداث التي تلف المنطقة أو ترسم لها خطوط نهاية مفرحة. أعود هنا إلى اليمن حيث جمع مؤتمر المانحين قرابة الـ 4 مليارات دولار لدعم جهود التنمية ومحاولات انتشال الأوضاع الاقتصادية هناك والتي تنعكس على مجمل جوانب الحياة في اليمن حيث البطالة الواسعة والفقر تأثيرهما على النواحي الأمنية ليس في اليمن فحسب بل في المنطقة والعالم أجمع فلا تزال تنشط هناك مخابئ القاعدة ومحاولاتها المستمرة للعودة إلى الساحة بقوة إثر ما كشف وفقاً لتقارير استخباراتية عن نوايا الاستهداف الدولي الواسع بالطيران ومخططات فلولها المتغلغل بقوة في عمق اليمن. ولعل أبرز المساعدات التي أعلن عنها في مؤتمر الرياض كانت مقدمة من السعودية الجار الأوسع والأقرب لمجتمع اليمن ورغم أن هذه المساعدات التي بلغت 3.25 مليار دولار لا تندرج ضمن برنامج مجلس التنسيق السعودي اليمني وجهوده التاريخية للإسهام في تنمية اليمن الذي عانى خلال العام السابق فقط من انخفاض حاد في حجم الناتج المحلي الإجمالي بنسبة سلبية وصلت إلى 10.5 في المائة إلا أن النوايا الدولية في المؤتمر تعول على الإدارة اليمنية الجديدة للأزمة الاقتصادية هناك وتبعاتها في النواحي الأمنية والاجتماعية. وقد غازل الرئيس اليمني الجديد عبدربه هادي المجتمع الدولي قبل المؤتمر بتصريحات وضربات ضد القاعدة لتأكيد منهجية اليمن في عهده الجديد ضد الإرهاب ومحاولات العمل الجاد لاقتلاع جذوره وللتأكيد في رسالة ضمنية للعالم بأن هذه الجهود لن تؤتي ثمارها دون تنمية شاملة تعالج مسببات التخلف والانفلات الأمني وهي رسالة واضحة وذكية من الرئيس هادي عززها انفجار ميدان السبعين لتأكيد الحاجة للمساعدة. وربما دون قصد من الجهات المدبرة للانفجار في توقيته ونوعيته إلا أنه حفز لحشد المزيد من التعاطف مع اليمن وجهود مكافحته للإرهاب الذي حمل شكل محاولته الأخيرة نوعا من التغلغل في المؤسسات الأمنية ونوع آخر من التخبط في التخطيط ونوعية الاستهداف الأمر الذي سيجر وبالا على الجهات الإرهابية وسيحمل ضدها المزيد من الحنق الشعبي اليمني والدولي. فقد نال الشارع اليمني بعض مبتغاه في رحيل الرئيس صالح ضمن خطة مرحلية مما يدعو رموز اليمن وكافة الحركات المناهضة للنظام التسليم بالواقع والعمل ضمن الأجندة الوطنية للعودة باليمن إلى دولة نظام ومؤسسات تؤهل مجتمعها لحضور دولي فاعل لا أن تكون أرضا تنطلق منها محاولات الإرهاب للعالم أجمع. ومع أن مؤتمر المانحين وعموم الوقفات الدولية مع اليمن تستهدف الاستقرار لهذا الوطن المهم موقعاً وحضارة وتاريخاً إلا أن الطموحات الدولية بتنوعها وسعت استمرارها لن تحقق إنجازا ما لم يدرك اليمنيون حقيقة دورهم وما على كل منهم من مسؤولية للحفاظ على البلد كوحدة وحضور فاعل في أوساطه العربية والدولية. فقد ولى عهد صالح وفتحت اليمن صفحة جديدة مبرمجة باتفاقيات معلنة وواضحة لكل العالم وتبقى المسؤولية الداخلية لليمنيين أفراداً وجماعات هي المحك الآن للعودة باليمن إلى مضمار السعادة التي عرف بها تاريخيا.