13 نوفمبر 2025

تسجيل

ملابسات التعليم الجامعي

25 ديسمبر 2018

انتهت الأسبوع الماضي الامتحانات النهائية للفصل الدراسي خريف 2018، ونبارك لطلبتنا وطالباتنا ممن حالفهم الحظ في اجتياز الامتحانات بنجاح، وتأهلهم إلى المرحلة التالية، كما نتمنى على الذين لم يُحالفهم الحظ، أن يتمعّنوا في الأسباب التي أدّت إلى تأخرهم. وبهذه المناسبة، وحرصاً منا على أن يقتنص أبناؤنا وبناتُنا الفرصة، لتحقيق آمالهم في الدراسة، وبالتالي خدمة الوطن، وبعد تجربتنا لأكثر من خمسة وعشرين عاماً في التدريس الجامعي تولدت لدينا بعض الأفكار والرؤى حول ملابسات التعليم الجامعي وظروفه، نوجزها في التالي: عدم تأهيل طالب الثانوية تأهيلاً واضحاً ودقيقاً، كي يُدرك متطلبات المرحلة الجامعية! إذ نجد الطالب لا يُقدّر قيمة الوقت، فهل لا يحضر في موعد المحاضرة، وقد يصل متأخراً لأكثر من خمسين دقيقة، وهو أمر مخالف لنظم التعليم، كما أنه يفوّت على نفسه فرصة الحصول على المعلومات من الأستاذ، فيما يتعلق بالتوجيهات الأكاديمية، أو ما يخص المادة التي يدرسها، ويدخل ضمن التأهيل (Orientation ) طريقة مخاطبة الطالب لأستاذه، إذ لاحظنا – من خلال التجربة – أن خطاب الطالب فوقي، ولكأن الأستاذ يعمل لديه! كما أن بعض الطلبة يرفعون أصواتهم عالياً، عندما يحاولون طلب شيء من الأستاذ، وأغلبهم لا يعي القوانين المُنظمة للدراسة الأكاديمية، ولا يقرأ (توصيف المقرر) الذي هو بمثابة عقد إلزامي بين الطالب والأستاذ. عدم مراعاة الوقت، كأن لا يحضر الطالب إلى الامتحان في موعده، دون سبب، ويطلب من الأستاذ عمل امتحان خاص به، وهذا يُربك جدول الأستاذ، ويجعله يتأخر في التزاماته تجاه الجامعة أو الكلية. ويلجأ بعض الطلبة، من المتعثرين، إلى الطلب من الأستاذ إعادة الامتحان، وهذا لا يجوز، لأنه يفتح الباب أمام كل الطلبة من الذين لم يحققوا درجات عالية أن يطلبوا إعادة الامتحان، وهذا له علاقة بتعود الطالب – في أيام قبل الدراسة الجامعية – وعدم إلمامه بقوانين ولوائح الجامعة أو الكلية، وينطبق الشيء ذاته على مواعيد تسليم الواجبات أو التكليفات، إذ أن تأخُرَ طالبين عن تسليم الواجبات أو التكليفات يُلجئ الأستاذ إلى عدم رفع الدرجات على (البلاك بورد)، وبالتالي يدخل في إلحاحات الطلبة المتكررة لمعرفة درجاتهم، أما أهم المخالفات في هذا الخصوص، فهو عدم حضور الطالب للامتحان النهائي، وعدم اتصاله بالأستاذ، الأمر الذي يتسبب في إرباك جدول الأستاذ، وعدم إيفائه بدقة تسليم النتائج للإدارة. لذا، يتوجب على جهات التعليم في المرحلة الجامعية، تنظيم ورش عمل، حول مراعاة الوقت، وكيفية الاستفادة من تجارب الأساتذة، في حفظ الوقت، وحُسن استغلاله لمصلحة الطلبة. بحيث لا يُربك الأستاذ بطلبات الطلبة المتعددة، ما يمكن أن يؤثر على سير الرحلة الأكاديمية. عدم مذاكرة بعض الطلبة كليةً، حيث وجدنا في الامتحان النهائي من أجاب إجابة 100% في الامتحان، ونال كل الدرجة، في الوقت الذي سجّل البعض أقل من 5 درجات من مجموع 30 درجة! وأيضاً حصل 8 طلاب على درجة (A) بينما حصل 4 طلاب على درجة (F). وهذا مؤشر على أن الأسئلة ليست بتلك الصعوبة، بقدر ما تحتاج إلى تركيز بعض الطلبة. ومع تقديرنا لظروف الطالب اجتماعياً ووظيفياً، إلا أن تخصيص وقتٍ كافٍ للمذاكرة أمر مهم لنجاح عملية التعليم، فإذا ما اجتمعت عادةُ عدم المذاكرة، مع الغياب المتكرر، مع عدم تركيز الطالب في الفصل، فإن المشكلة تتفاقم، وتساهم في تعثّر الطالب دراسياً. عدم اهتمام بعض الطلبة بالتكليفات، داخل أو خارج الفصل، ومن واقع التجربة، وجدنا أن أكثر من 75% من الطلبة الذين تُطلب منهم بحوث خارج الفصل، يقومون بالاستعانة بالغير في وضعها، حتى إذا ما دعاهم الأستاذ لشرح ما تقدموا به، نجدهم يتعثرون، أو يتهربون من ذلك، أو نجدهم يغيبون وقت عرض بحوثهم، وهذه إشكالية واضحة، لابد وأن توضع لها الحلول، لأن الأستاذ يكتشف مستوى الطالب خلال الأسبوعين الأولين، ويلاحظ المفردات والصياغات التي يستخدمها. وترتبط بهذا الموضوع، قضية القطع واللزق (Cut and Paste)، التي نلاحظها في بعض تكليفات الطلبة خارج الفصل، فعلى سبيل المثال وجدنا في تقرير لإحدى الطالبات عن زيارة لمعرض الكتاب الأخير في الدوحة، أنها دخلت على موقع المعرض، وسحبت المادة بأسرها من الموقع وطبعتها وقدمتها إلى الأستاذ، حتى دونما مراعاة لتغيير صيغ المستقبل أو الماضي في العبارات، وتعتقد هذه الطالبة أنها سوف «تخدع» الأستاذ، كي يُعطيها درجة عالية، ويغيب عن بال هذه الطالبة أن الأستاذ يدخل إلى موقع المعرض، ويتابعه أولاً بأول. لهذا، فإن توجيه الطلبة والطالبات في أول أيام الدراسة، خلال عملية التأهيل (Orientation) إلى أهمية مراعاة ذلك، وكتابة التقارير الخاصة بهم، حسبما شاهدوه في المعرض، من الأمور التي تُجنّبهم الإحراجات مع الأستاذ ومع الطلبة. طلب رفع الدرجات.. درجَ بعض الطلبة على الطلب من الأستاذ رفع درجاتهم، دونما مبرر، فقط لأن هؤلاء الطلبة لم يحرزوا النتيجة التي ترفع معدلاتهم، ولكأن الأستاذ يفتح «دكاناً» لمنح الدرجات. كما أن العديد من الطلبة لا يرضى بما حققه أثناء دراسته، ونغمة الاحتجاج والعتب تطغى على تعاملهم مع الأستاذ. فالطاب الذي يحقق (A) يُشغل الأستاذ – وقت وضع الدرجات – بأن يمنحه (A+)، والطالب الذي يحقق (C)، يطلب من الأستاذ رفع درجته إلى (B)، وهكذا، وهذا نابع من عدم تقييم الطالب لذاته، أو أنه سوف «يكسر قلب» الأستاذ، ويقوم بتغيير درجته! وهذا، مستحيل، لأنه مخالف للقوانين الأكاديمية، ولابد لنا هنا أيضاً من ربط هذا الموضوع بموضوع التأهيل (Orientation)، الذي يجب أن يساعد الطالب في تفهم ظروف الدراسة الجامعية. عدم اهتمام بعض الطلبة بالساعات المكتبية التي يحددها الأستاذ، والتي هي من حق الطالب، فنجد الزيارات للاستاذ في الأسبوع الأخير من الدراسة، وهذا يسبب تراكم الأسئلة على الطالب، وعدم وجود حلول لها، ومن المفيد للطالب، الذي لا يستوعب، خلال شرح الأستاذ، أن يأتي للأستاذ – خلال الساعات المكتبية – ويشرح له الموقف، والذي يحصل أن بعض الطلبة يغيبون عن المحاضرات، قد يوزع الأستاذ فيها بعض المذكرات الهامة، ويأتي هذا البعض إلى الحصة التالية، ولا يسأل زملاءه عما تم شرحه في الحصة السابقة، علماً أن جميع مواد المقرر مرفوعة على الـ (Black board)، ويسهل على الطالب الوصول إليها، إن حضور الطالب، وأخذه للملاحظات، خلال الفصل، أو خلال الساعات المكتبية، أمر مهم لتسهيل استيعابه للمادة، وجعله مستعداً لمواجهة الامتحان. بعض الطلبة يُشعرك بأنه ما زال في المرحلة الثانوية، أو أنه في « العزبة»، يحضر متى شاء، ويخرج متى شاء، وهذا يشيع مناخ الفوضى وعدم احترام المدرس، ولقد واجهنا مثل هذه المواقف من بعض الطلبة، من الذين يخرجون بلا استئذان، ولا يعودون إلى الفصل، مكتفين بأنهم وقعّوا على كشف الحضور. وبعد، فهذه بعض التجارب، التي بالطبع عاصرها العديد من الزملاء الأساتذة، والتي لا شك تحتاج إلى حلول وعلاجات لبعض المشكلات التي تواجه التعليم الجامعي لدينا.