11 نوفمبر 2025

تسجيل

ضياع العراق والصمت العربي

25 أكتوبر 2012

العراق الذي خرج منه رجال التاريخ، أرض الخلافة العباسية الذي خرج منه أحمد بن حنبل وأبويوسف وخرجت منه جحافل الرشيد والمعتصم للفتح ونصرة الإسلام ونشر الحديث والفقه والتاريخ، العراق البطل الذي واجه التتار، الذي قاوم الاستعمار وتذكروا رشيد علي الكيلاني والصواف والرصافي وأمجد الزهاوي وغيرهم. العراق الذي خرج رجاله ليدافعوا عن كرامة العرب في فلسطين وكان أمل العرب في رجالاته وقبائله وجامعاته. لكن اليوم العراق أصبح محتلاً من دولتين دمرتا بنيته، وقتلتا أبناءه، ويتمنا أطفاله، ورملتا نساءه، وباعتا أطفاله للمؤسسات التبشيرية وسجونه مليئة بالأبرياء والمظلومين ورجاله الأبطال القادة هربوا من البلاد وتركوها وأصبحت سجنا عنصريا طائفيا بشعا. ماذا يجري في ذلك البلد؟ أطبقت عليه فئات محددة الاتجاه وترفض غيرها وتعيش فيما قبل التاريخ، الولايات المتحدة ضربت العراق وأشعلت الحرب وسلمتها للعصابات الطائفية العنصرية وأصبحت العراق محتلة من دولة الجوار التي انتقمت للقادسية وانتقمت لكسرى يزدجرد ورستم، وانتقمت من حروب الدولة العثمانية ومن حروب التاريخ، من شعب له دوره بين الأمم وعزيز كريم أصبح اليوم مهاجرا في صقيع وبرد الدول الاسكندنافية وأوروبا واستراليا وغيرهما، وتشردوا لمجرد أنهم عراقيون عرب. أما علماؤهم فهم يقتلون ورجالهم وأبناؤهم يذلون بالسجون على يد رجال قاسم سليماني والحرس الثوري. لو قرأنا تقارير اليونسيف للأطفال وعن أطفال العراق الضحايا لو قرأنا تقارير المفوضية السامية للاجئين عن المهجرين قسراً، ولو قرأنا عن تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية عن مآسي شعب العراق كأكبر كارثة إنسانية ومنظمات حقوق الإنسان عن الجرائم بحق الإنسانية وعدم المساواة في المواطنة والتمييز العنصري والقتل عن الاسم والهوية والانتماء وفرق الموت التي تدمر المساجد والأماكن العامة المرسلة من طهران والجماعات الإرهابية، كل هذا والعرب صامتون، نائب رئيس جمهورية يقتل حراسه ويجبرون على اعترافات مكشوفة ويتم إخراج الرجل لأنه لم يوافق ولم يخضع لشروط الدولة المحتلة التي تدير العراق وتتحكم في كل أموره.العرب اليوم يتفرجون على التغيير الديمغرافي للعاصمة بغداد والبصرة وستصبح بعد ذلك أرضاً محتلة لا علاقة لها بالعرب وعندها ستبدأ المخططات لجر الدول العربية لحروب رغماً عنها وستفرض عليها وستصدر الإرهاب والأجندة المنتظرة وفق مخطط مرسوم جاهز لم يخرج من الأدراج وينتظر وقته، والعرب في صمت ونخاف أن يقال أكلت يوم أكل الثور الأبيض، وها هو العراق يصدر المقاتلين والأسلحة إلى سوريا، وها هو العراق المحروم من نفطه المنهوب الذي يتم تصديره لدولة الجوار التي تستخدمه في مشاريعها، ألا يكفي ذلك وغيره إشارات إنذار أم ماذا ينتظر العرب. لقد تخلت الدول العربية عن العراق وهو عضو مؤسس في الجامعة العربية، وفجأة انسحب العرب ظانين أنه سوف يعاني وحده فقط وأنهم بمنأى عنه، ولكن ما جرى في البحرين واليمن إشارة واضحة لبعد المخطط. فكان واجبا علينا أن ننقذ هذا البلد الذي هو معلم من معالم الحضارة العربية والإسلامية، لا شك أن مخطط تقسيم العراق إلى طوائف ومذاهب هو مقدمة لجر هذا البلد إلى حرب أهلية وجعله نموذجا لتقسيم الدول الإسلامية والعربية كجعله نموذجا لتقسيم الدول العربية المجاورة لإسرائيل على أساس عرقي وطائفي وإشعال المنطقة بالحروب الطائفية والعرقية وهو ما يخدم أمن واستقرار إسرائيل.لقد اختفت من الشاشة أخبار ما يجري في فلسطين وتهويد القدس وذلك هو المطلوب، وتبين أن الأحزاب التي تسمي نفسها معارضة تنفذ ما قامت به الأنظمة بصورة أبشع، لقد تنفس الناس بذهاب صدام ولكن ما رأوه من أعمال ودكتاتورية وقهر وعودة هولاكو إلى بغداد بأبشع صورة على أيدي ابن العلقمي وحلفائه وتلاميذ نصر الدين الطوسي، لقد أظهرت إيران حقدها الدفين على العرب بصورة لا مثيل لها وتعاقب العرب اليوم على ذكريات مضى لها أكثر من ألف سنة فما ذنب شعب العراق.إن العراق اليوم ينادي بأعلى صوته على لسان أطفاله ونسائه وشيوخه ومساجده وتراثه ينادون إخوانهم العرب ألا يخذلوهم ولا يتركوهم لهولاكو والتتار الجدد. فنصرة المظلوم واجبة. آن الأوان أن يبذل الإعلام جهده لشرح القضية وتتحرك المؤسسات في كل الأصعدة لهذه القضية وآن الأوان لرفض التغيير الديمغرافي والسعي لضم وقضم أراض عراقية لدولة أخرى يعرفها الجميع، ولا يظن هؤلاء المحتلون أن شعب العراق سيستسلم فهو الأبي وسيقدم الشهداء تلو الشهداء حتى يتم التحرير ودماء الأبرياء لن تذهب سدى، والمنطقة مقدمة على أحداث والحرب الإيرانية ستحرق أصحابها قبل كل شيء.ولذا فإن العرب يجب أن يقولوا لإيران فلنخرج جميعاً بأقل الخسائر وألا تغتر بقوتها فقد ذهب الشاه المغرور وسقطت امبراطوريات وذهب قارون بن عاد، وأن الله عادل ومنتقم جبار.