10 نوفمبر 2025

تسجيل

السودان.. حتى لا تكذّب الموية الغطاس؟!

25 سبتمبر 2015

*موعد انعقاد اجتماعات مؤتمر الحوار الوطني السوداني أزف وصار على الأبواب (في العاشر من أكتوبر القادم).. لا أريد أن أزيد عدد جمهور المحبطين من الذين ظلوا يدخلون هذا على مدى ربع قرن من الزمن الكسول يمنون النفس بالآمال يرقبونها كما كان يفعل جدنا الشاعر القديم (مؤيد الدين الطغرائي) القائل: أمني النفس بالآمال أرقبها ما أضيق العيش لولا فسحة الأملظل أمل السودانيين في السلام أملا عزيزا وغائبا ولا يأتي إلا ليغادر سريعا كسحابة صيف عابرة. السودانيون يبحثون عن السلام ويتمنونه، لا شك في ذلك، ولكن المعطيات من حولهم تشبه بحثهم عن السلام كبحث من يريد التقاط إبرة صغيرة داخل جوال من التبن. هذا السلام العزيز سيصل إلى السودان في اللحظة الفارقة حين يستل الرئيس البشير نفسه من القيقم الذي ظل يحيط به على مدى ربع قرن من الزمن ثم يخبط خبطة سياسية لا تبقي ولا تذر من الدرن السياسي الذي قعد بالسودان دهورا ومازال يقعد به. خبطة لازبة تمكن لمشروع التراضي الوطني الذي ظلت جماعته تهزي به وقتا طويلا دون أن تشرع في خطوات عملية لإنجازه.* خبطة تكون في شكل بيان قصير يقول فيه الرئيس بعبارات لا تقبل التأويل إنه قرر خلع رداء الحزبية الضيق، والتوشح بوشاح القومية الرحيب من تاريخ العاشر من أكتوبر (موعد بدء جلسات الحوار الوطني)المرتقب، ليكون رئيسا للحزب السوداني القومي الجامع بدلا من رئاسة تجمع هلامي هو نسخة جديدة مزجاة من (الاتحاد الاشتراكي العظيم!) ذلك المسخ الذي صدع به جعفر نميري أدمغة السودانيين على مدى ستة عشر عاما قبل أن يذوب (الهمبول العظيم) كما يذوب فص الملح في الماء الساخن عند أول اختبار في أبريل 1985.*مولد الحزب الجديد يمكن تدوينه فقط بعد دفع فاتورة هذه النقلة النوعية الجبارة. نعم ستكون فاتورة ثقيلة يقدر على الإيفاء بها فقط الذين وهبهم الله العزيمة والسؤدد ووضوح الرؤية عند اشتداد الظلمات. وبعد أن نرى جميع المعتقلين والمحبوسين في قضايا سياسية وقد صاروا من تاريخه أحرارا طلقاء. هذا بيع يسير لمن ألقى السمع وهو شهيد. يمكن إنجازه لحظة تخفف الرئيس من جلبابه الحزبي الضيق، والاستعاضة عنه بجلباب قومي جديد يكون فيه الرئيس رئيسا لحزب السودان الجامع بدلا من حزبه القائم اليوم باسم المؤتمر الوطني أو الاتحاد الاشتراكي البعاتي الذي ذاب كما تذوب قطعة الثلج في الماء الساخن. السيد نائب الرئيس البشير لشؤون الحزب رفع سقف التطلعات الخاصة بنتائج مؤتمر الحوار الوطني حين قال إن حزبه سيقبل بنتائج الحوار حتى إذا قرر المتحاورون إجراء انتخابات مبكرة يتنازل فيها حزبه عن السلطة لمن يختاره الشعب. هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها مسؤول حزبي رفيع بهذه الجرأة عن الاستعداد للتنازل عن السلطة لصالح من يختاره الشعب في انتخابات مبكرة تحرق كل المراحل. ولكن من يضمن لنائب الرئيس أن لا يقطع المتنفذون رأسه قبل أن يقطع الرئيس قول كل خطيب مثلما قطعت جهيزة أقوال جميع المتحاورين. الإفراط في التفاؤل غير المؤسس على معطيات عملية هو عمل لا يليق. ولكنه لا يضر إلا بمقدار. يضر فقط في إشاعة المزيد من الإحباط. دعونا نتجرأ على أنفسنا ونصدق مرة واحدة أن السراب الذي يراه الظامئ يمكن أن يكون ماء زعريطا على قول اللغويين العرب القدامى.