16 نوفمبر 2025
تسجيللم تبالغ النشرية الدولية (ستراتيجيك ألرت) في عددها الأخير، حين وصفت زيارة صاحب السمو أمير قطر لأنقرة بالتحدي المشترك الأكبر لقوى الظلم العالمية الجديدة، وبالطبع فإن كل من لا يقبل بالظلم العالمي لا يملك إلا أن يبارك (التحدي الأكبر) يرفعه زعيمان أصيلان صامدان ضد المؤامرتين الأولى والثانية، تذكرون مؤامرة شرذمة قليلة ضالة من الجيش التركي حاولت في يوليو 2016 قلب نظام الحكم الديمقراطي التركي وحين ظهر وجه الرئيس الشهم رجب طيب أردوغان على شاشة جوال بسيط في مقطع تداولته ملايين الهواتف الجوالة التركية في لحظات قليلة، هب الشعب التركي البطل لإجهاض المؤامرة ودحر الانقلابيين وتكذيب أصوات الغربان الإعلامية الناعقة التي هللت للانقلابيين قبل أن يندحروا وأعلنت من القاهرة ومن أبوظبي ومن تل أبيب بأن أردوغان سقط بل وأعدم.. مساكين ضحايا الغفلة التاريخية، محترفو التدليس والتلبيس حينما خابت أمانيهم وارتدت عليهم أوهامهم وهم يشاهدون على تلفزيونات العالم فلول العصابات المعادية للشعب التركي تقاد مغلولة للسجون والشعب الصامد الأبي يعتلي الدبابات ويحبط المؤامرات ويعود الزعيم أردوغان للقيادة بإرادة شعبه. وكان صاحب السمو أمير قطر الشيخ تميم أول من هاتفه وفي اللحظات الحرجة من الدوحة مباركا ومؤيدا للشرعية الدستورية التركية، ثم بعد عامين بدأت المؤامرة الثانية وهي اقتصادية هذه المرة بعد فشل العسكرية مبرمجة في مشروع ما سموه بصفقة القرن الأمبريالية الصهيونية ومن بين أهدافها إسقاط النظام التركي الذي اختاره الشعب التركي يوم 24 يونيه الماضي بكل حرية وشفافية ولكن ليس بالاعتماد على كمشة خونة بل بمهاجمة الليرة التركية في الأسواق العالمية وفرض ما سموه (عقوبات) تجارية على الصادرات التركية التي أصبحت تغزو الأسواق الأوروبية وكذلك الأمريكية والعالمية عن جدارة! وجاء رد أردوغان يوم الاربعاء 15 أغسطس يتحدى ويعلن إجراءات العين بالعين ويأذن بمضاعفة إنتاج الصناعات التركية في مجالات التكنولوجيا والحديد والصلب وتصنيع الطائرات ومنافسة (أبل) و(سامسونغ) ومقاطعة الواردات القادمة من الدول المحاصرة للشعب التركي، ودعا المواطنين للقيام بحملات استبدال الدولار بالليرة فاستجابت المعارضة قبل المؤيدين وتوافد الأتراك على المصارف ومحلات الصرف لدعم عملتهم وإنقاذ اقتصادهم وترسيخ منزلة أردوغان في التحدي الأكبر، وهنا جاءت زيارة أمير قطر السريعة لأنقرة تعلن استثمارا مباشرا بمبلغ 15 مليار دولار (55 مليار ريال قطري) وضخها في الاقتصاد التركي حتى تكون قطر الشريكة الفعلية في رفع التحدي الأكبر. يا له من درس قاس لعل المغرر بهم من الحكام الجدد يثوب إليهم رشدهم فيعوا بعقولهم ما غفلوا عنه بأوهامهم ويدركوا أخيرا بأن إرادة الأمم لا تقهر وبأن الطاغوت الجديد الذي يزين لهم ممارساتهم يبقى محدود التأثير لأنه بكل بساطة قائم على الكيد والعدوان ولأنه ينطلق من حماية مصالح غريبة عن المنطقة لا تخدم سوى أعداء الأمة، فهل آن الأوان ليقظة ضمائرهم على جملة من الحقائق الجيوستراتيجية الطارئة منذ سنتين على خارطة الشرق الأوسط وعلى الخليج بالذات؟ وهل استفاقوا على أجراس الأخطار المحدقة بهم وبنا والتي تهدد أمننا وسلامة ترابنا وسيادة دولنا؟ إن المستقبل سيؤكد لهم وعن قريب أن الذين يستمرون في الخطأ ويصرون على الباطل في مجتمعاتهم بالسجون والحرمان من الحريات وفي اليمن بالحروب الميؤوس من كسبها ولدى الدول الشقيقة الحليفة الجارة بالحصار وبإزاء تركيا الصاعدة بالإبتزاز والتنكيل ومع القوى العظمى بالتذيل والإستكانة مصيرهم الخسران والإفلاس في عالم جديد يقوم كما يبدو على ميكيافيلية عالمية لا تعترف بالأعراف الدبلوماسية ولا تؤمن بالخيارات الديقراطية السلمية ولا تقيم وزنا لسيادة الدول! ولهذه الأسباب فإن استهداف الجمهورية التركية قبل حلول عام 2023 يعتبر بالنسبة للمتحالفين على الشر أولوية، كما أن الهبة الأخوية القطرية لنصرة تركيا تعتبر واجبا أخلاقيا وخيارا ستراتيجيا من أجل رفع التحدي الأكبر وإجهاض مخططات التخريب المنظم لأمن المنطقة والسلام الدولي. في يوم 24 يوليو 1923 فرضت الدول الغربية المنتصرة في الحرب العالمية الأولى على الشعب التركي اتفاقية (لوزان) المهينة وبعد قرن أي في 2023 سيتغير التاريخ ويأخذ النهر الحضاري مجراه الطبيعي ولله الأمر من قبل ومن بعد.