08 نوفمبر 2025
تسجيلأعترف بأني لن أكون أبلغ من الذين سبقوني في الكتابة عن خطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي أدلى به يوم الجمعة المباركة الموافق 22/ 7 الحالي، فقد تناولوه بالشرح والتحليل، ولن أكرر ما تناقلته وسائل الإعلام المحلية والدولية، إشادة بلغة الخطاب وموضوعيته ووضوح رؤيته، ولن أتوقف عند إعلام دول الحصار وشبيحة شاشاته التلفزيونية، وكتاب أعمدة صحافته الأزمات وما قالوا عن الخطاب السامي بطريقة سلبية، فذلك شأن أترفع عن الحديث عنه.(2)أستطيع القول إن خطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني في مساء الجمعة الماضي جاء في وقته، إذ قبل الخطاب آنف الذكر بساعات أعلن وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية في وجود وزير خارجية سلطنة عمان السيد يوسف بن علوي أن على دول الحصار أن ترفع حصارها عن دولة قطر، فلم يعد هناك حجة لبقاء الحصار عليها، الخطاب جاء في الوقت الذي يتعرض فيه بيت المقدس لهجمة صهيونية مسلحة، ومنع المصلين من أداء صلواتهم في رحابه، ليعلن الأمير تميم بن حمد احتجاجه على الممارسات الصهيونية في فلسطين خاصة مدينة القدس، وناشد العالم بنصرة الشعب الفلسطيني، في الوقت الذي يتسابق فيه بعض حكام دول الخليج العربية لتقوية العلاقات مع الكيان الإسرائيلي متجاهلين ما يحدث على صعيد الأرض المقدسة. قد يتساءل البعض عن مناسبة خطاب سمو الأمير، في تقديري إنها مناسبة ذكرى مرور أربعين يوما ونيف على إعلان الحرب الاقتصادية والإعلامية والسياسية على الشعب القطري وقيادته السياسية ابتغاء إلحاق الأذى بالإنسان القطري وما يملك، وكان الخطاب في مضمونه غير المنطوق يعلن أن الشعب القطري وحكومته استطاعوا كسر الحصار وعدم جدواه، لأن إرادة الشعوب فوق الأزمات.(3) من هنا أقول: إذا كانت دولة قطر أعلنت استقلالها عام 1971 على أيدي الآباء فإنها في عام 1995 انتقلت على أيدي الأبناء إلى مرحلة النهضة والعمران، وتثبيت مفاهيمها للاستقلال باتباعها سياسة خارجية منفتحة مع دول العالم، وفعّلت دورها في المجتمع الدولي ليس عن طريق حل النزاعات بالطرق السلمية فقط وإنما بإصرارها على الخروج من ربقة التخلف والتبعية، الأمر الذي مكنها بأن تكون نقطة مضيئة على خارطة العالم يشار إليها بالبنان، وكان لها ما أرادت. وتحقيقا لذلك وضعت مناهج تعليم متطورة لتحلق بمخرجاته في معراج التنمية المستدامة على كل الصعد، ولا يستقيم مجتمع قادر على العطاء ما لم تتوافر له مؤسسات طبية تحميه من أمراض العصر، فأقامت المستشفيات والمراكز الطبية واستعانت بأفضل الناس في العملية الطبية من جميع دول العالم، وأسست كليات الطب والتمريض والصيدلة وما في حكم العملية الطبية، وأصبحت على قائمة الدول المتقدمة في هذا المجال. (4) يعتبر الخامس من شهر يونيو يوما مشؤوما في تاريخ أمتنا العربية (حرب 1967)، في ذات التاريخ من عام 2017 ومع طلوع أول ضوء أعلنت الحرب الاقتصادية والإعلامية والسياسية على دولة قطر من قبل بعض الأشقاء أعضاء مجلس التعاون الخليجي بعد إعداد الساحة الخارجية إعلاميا تحريضا وتشويها لسلوك دولة قطر السياسي، فقطعت الدول الخليجية الثلاث (السعودية، والبحرين والإمارات) العلاقات الدبلوماسية والقنصلية مع قطر، وفرض الحصار وشنت حرب إعلامية انطلقت بعد أن تمكنت إحدى تلك الدول من اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية وراحت تبث عليها أكاذيب لم يسلم منها أمير دولة قطر، إذ زيفوا عليه أقوالا لم يقلها وأحاديث لم يتحدث بها. في الثاني والعشرين من شهر يوليو وبعد مرور أربعين يوما ونيف ألقى سمو أمير دولة قطر الشيخ تميم خطابا على الشعب القطري واستمع له العالم عبر وسائل الإعلام المشاهد ولا أريد الحديث عن ذلك الخطاب كما أشرت أعلاه، لكني أنقل مقتطفا من رسالة بعث بها إلي صديق إنجليزي من بريطانيا يقول:"أعتقد أن تصرف هذا الأمير الشاب مدعاة للفخر ويعتبر خطابه الذي أدلى به مساء الجمعة من أفضل ما سمعت من كل خطب القادة العرب دون استثناء، إنه خطاب مختصر مركز واضح محدد المفاهيم والثوابت التي قدمت الرد على كلام الأطفال ولكن بلغة البالغين دون إسفاف" يكفيني ذلك التعليق الذي وصلني من خارج الحدود.(5) أستطيع القول - دون تحفظ- إن خطاب سمو الأمير تميم بن حمد آل ثاني آنف الذكر يعتبر خطاب ترسيخ قواعد الاستقلال الحقيقي لهذه الدولة، فأعلن بوضوح بأنه لا تبعية ولا تنازل ولا مساومة عن أي حق سيادي لنا ولا قبول لإملاءات في أي شأن من شؤوننا الداخلية والخارجية، وانطلاقا من هذا علينا شعبا وحكومة أن نتعلم الدروس ونبني صرحا علميا وصناعيا وزراعيا يغنينا عن الاعتماد على الغير.آخر القول: حفظك الله يا سمو الأمير تميم، وسدد خطاك، وبارك قولك، إنك قد ثبت قواعد الاستقلال الوطني بصمودك في وجه العواصف التي هبت علينا منذ 2012 وحتى اليوم.