08 نوفمبر 2025

تسجيل

بين العالم الحقيقي والعالم الافتراضي من هو البطل؟

25 مارس 2020

حين تشاهد بطل فيلم تراه يناضل ليثبت الحقيقة، فإن ذلك يمنحك شعوراً بالاندماج معه لمعرفة النهاية، مع إيمانك التام أنه فعلاً على حق، حتى لو اضطر لعمل أمور قد تفاجئك، فهي مبررات تجدها أحياناً مقنعة أمامك لكون البطل ذا مصداقية، ولأنه يجب أن يصل إلى هدفه في الفيلم الذي إن انتهى، فإن البعض وقد تكون أنت أحدهم، قد لا تدرك جهود طاقم العمل، فالتركيز التام كان على مدى اقتناع الجمهور بقضية البطل في الفيلم، والتي يؤمن بها، وجعلنا مؤمنين بمدى أهميتها. وقد تنطلق بأفكارك أحياناً إلى إعادة صياغة الفيلم، كأن تتخيل أن من يمثل الدور بطل آخر، أو بطلة أخرى بالاعتماد الكبير على شخصية البطل في الفيلم، وحتى تصل لنا رسالة أي فيلم، وكذلك الحياة، هناك شخصيات كثيرة كطاقم الفيلم تساعدنا في الوصول لأهدافنا والاستمرار بتحقيق نجاحنا، وتألقنا، الذي نراه سببا لاستمرار عملنا، وسواء تذكرنا طاقم الفيلم الذي ساهم في إنجاح عمل الفيلم مع البطل، فإن كل عمل ناجح في الحياة يعتمد على فريق العمل، بل وقد يحتاج البطل في الحياة لأكثر من فريق لمساعدته. ما يختلف عن وضع بطل الفيلم، ووضعك أنت في الحياة، في حال أنك إذا آمنت بقضية، وأردت العمل على تحقيق أهدافها، فإنك تحتاج أن يكون جميع من تقابلهم، وتعمل معهم، ومن يساعدونك من فرق عمل، أن يكون الجميع مؤمنين بقضيتك، وأن يصدقوا كل ما تقول، فلا تحتاج لأن تثبت لهم حقيقة ما تعمل، وما تعمل لتحقيقه في كل خطوة تخطوها. قد تضطر لأن تخدع أشراراً لتساعد أخياراً، وقد تضطر للهرب من موقف لتنقذ قضية، على الرغم من استخدامك أنت لقيم غير حميدة، لعمل الخير، لكن حين يقيم شخصيتك وليس عملك، من لا يعرف معدنك الأصلي، وما تقوم به من عمل تراه أنت مفيداً، ولا قيمة القضية التي تؤمن بها، حينها ستتساءل عن مدى أهمية إثبات مصداقيتك له، ولغيره. على عكس ما ينطبق على النفس الإنسانية، نجد بقية الكائنات الحية، تتصرف بطبيعتها دون تقديم تفسير أو مبرر لما تقوم به، فالقوي في الأرض يلتهم الضعيف ليقتات ويستمر في الحياة، دون أن يقدم مبررات، يقنعنا بها عمن يكون، أو سبب ما يقوم به من أعمال، فكل الكائنات الحية الأخرى لا تهتم بالتفاصيل أو الشرح، في حين يهتم الإنسان بتقديم شرح ومبررات لكل ما يقوم به من عمل، ويفسر جميع الأشياء حتى يستطيع عقله أن يحرك جسده ويتعامل معها. وفي سياق التحليل وتفسير الأشياء الكثير من العلوم النظرية الإنسانية والتطبيقية، والتي تقدم لنا نحن البشر الكثير من التفسيرات المبررة لتصرفاتنا، والمفسرة لكل شيء في الحياة، على سبيل المثال علوم الاجتماع والنفس والفلسفة، وفي مجال تفسير الكون الذي هو أصلا يسير بدون تفسيراته، هناك علم الأحياء، الأرض، الكيمياء، الفيزياء، وبعدما توسع في أبحاثه واخترع ما يجعل عملية تواصله أسهل، اخترع علوم التكنولوجيا والتقنية الحديثة، واستمر بالتحديث بها، والتطوير من خدماتها للأفضل بما يجعل كل ما سبق أكثر سهولة، وليصبح العالم أكثر اندماجاً، وتقارباً ووضوحاً باستخدام مناهج متعددة للشرح أيضاً، وليفسر كل جزء للبشرية يستمر بالبحث والتحليل، ومع كل أعماله التي يقوم بها هو يقدم تفسيراً لسبب وجوده، وسبب تعارف الأجناس البشرية ببعضها، واندماجها أو نفورها، وفي كل عمل يقوم به أيضاً أي شخص ضمن منظومة التواصل تلك، هو يحتاج دائماً أن يكون مثل بطل الفيلم الذي يقرر التحرك في الحياة ضمن اقتناعاته هو، وليس اقتناعات من حوله، فتراه يتساهل في أمور هي محرمة لدى غيره، والعكس وفي كل الحالات يحتاج دائماً لمن يساعده ويؤمن به، ويسعى لأن يفسر ما لا يحتاج للتفسير بل للاختصار. ليفتح على نفسه تواصلاً الكترونياً، يقرب بذلك كل بعيد، في تداول إشاعات وإعادة نقلها، أو أن يضخم الأمور، ولاختلاف البشر، ورؤيتهم للأمور، تجد نفسك في منظومة الفكر الإلكترونية، وفي عالم افتراضي واسع النطاق، يختلف فيه من يستمع لك، أو يقرأ لك، تجد نفسك أكثر انتشاراً، تضطر لصياغة الأحداث حسب ما تعتقده أنت، لتصبح بطلاً أحياناً أمام جمهور واعٍ لديه القدرة على تقييمك، ويتلاشى لديك ذلك التوتر الناجم عن النقد في حال كان الناقد موجوداً في عالمك الحقيقي، وهنا السؤال بين العالم الحقيقي الذي تعيش به، وبين العالم الافتراضي هل ترى نفسك بطلاً، وهل تنقل كل ما تقتنع به، ام تراه صائباً؟ هل لديك الاستعداد لتقبل النقد من جمهور افتراضي وحقيقي؟ وهل لديك الاستعداد لتقبل ذلك؟ ففي عالمنا الحقيقي نتحرك بإيجاد خط مباشر مع الآخرين، يحكمنا الموقف المباشر الذي ينتظر منا ردة فعل مباشرة، يتلون ويتشكل بها فكرنا وجسدنا ومشاعرنا، على عكس العالم الافتراضي الذي لن ترى به إلا الفكر، فيما عدا ذلك فهو في حضورك الفعلي فقط ولن يرى العالم لون الغضب أو الحزن في وجهك، ولا هدوء أو توتر مشاعرك، هو عالم له جمهور خاص سيقيمك وقد تكون فيه بطلاً، وقد لا تكون. [email protected]