07 نوفمبر 2025
تسجيللماذا ينخفض مزاج الإنسان حتى يصل أحيانا إلى درجة الاكتئاب؟ هذا السؤال مازال يحير العلماء لقد استطاعوا الإشارة بأصبع الاتهام إلى بعض العوامل، ولكنهم مازالوا يبحثون عن إجابات أكثر لسؤالهم، فالدور الذي تلعبه الناقلات العصبية للمخ في انخفاض المزاج لم يفهم بعد إلا بدرجة قليلة، وكيفما كان الأمر، سنجد أن أغلب الخبراء يوافقون على أن الاكتئاب لا يمكن أن يتم تشخصيه ببساطة على أنه فقط مجرد نتيجة لعدم التوازن الكيميائي. وحسب ما ذكره د/ هيبارد Dr.Jessamy Hibberd في كتابه This book will make you happy، فإن الظروف الصحية للإنسان يمكنها أن تثير حالة المزاج السيء – (انخفاض المزاج) – فعلى سبيل المثال، فهذه الحالة يمكنها أن تنتج من ضعف نشاط الغدة الدرقية (Hypothyroidism)، أو قد تكون أثر جانبيا (نادراً ما يحدث) لتناول بعض الأدوية مثل beta blokers أو بعض الأدوية المضادة للصرع. وكيفما كان الأمر، فهذه الحالة تحدث بشكل شائع بسبب بعض التوترات أو تراكم ضغوط الحياة اليومية أو بسبب المرور بظروف صعبة أو قد تكون نتيجة لأثر علاقة سيئة في بدايات حياة الإنسان وهو طفل صغير أو بسبب زواج سيء أو زملاء عمل مزعجين. وقد وجد الباحثون أنه في بعض الحالات تلعب الوراثة دوراً في التأثير على مدى استعدادنا للإصابة بحالة المزاج المنخفض، رغم أنه ليس كل أنواع الاكتئاب وراثية. وتؤثر التربية بدرجة كبيرة على درجة شعور الطفل بالثقة بالنفس وكيفية تعامله مع المشكلات ولأي درجة يشعر أنه يستطيع بكفاءة مواجهة الضغوط الانفعالية، فالطفل الذي يرى أباه يغضب لأتفه الأسباب أو يجد أمه تنهار وتبكي بشدة أمام مشكلة بسيطة سيتعلم بلا أدنى شك هذا الأسلوب ليواجه به تحديات حياته، وذلك عكس الطفل الذي يرى أباه – أو أمه – متماسكاً أمام الشدائد ومتصرفاً بطريقة إيجابية أمام المشكلات اليومية – وليس هذا معناه أننا لن نحزن أبداً إذا فقدنا إنسانا عزيزا أو إذا كان لدينا مريض مرضا مزمنا أو أننا لن يتعكر صفو حياتنا أمام مشكلات الحياة، ولكن سيكون ذلك بـأقل الدرجات الممكنة. إن معتقداتنا في الحياة ونظرتنا لأنفسنا والآخرين تتشكل وتنمو في مرحلة الطفولة. وهذه المعتقدات تميل إلى أن تتركز حول أفكار من قبيل "قيمة الذات"، "الإنجاز" – شعور الطفل أنه مقبول، خاصة من قبل والديه – وأنهما يحبانه. عندما كنت طفلا كنت تتقبل كل ما يقال لك – (بشكل عام من والديك أو من أولئك القريبين منك) – لأنه في ذلك الوقت لم يكن لديك قاعدة تقارن أو تقيم مدى صحة ما يقال لك. وقد وجد العلماء أن بعضا من اعتقادات الطفولة السلبية تلعب دوراً في انخفاض مزاجنا.على سبيل المثال، الطفل الذي ظل أحد والديه – أو القريبين منه – يردد على مسامعه أنه قبيح الصورة أو أنه ليس ذكياً، فإن مثل تلك الأشياء التي سمعها وهو صغير قد تظل عالقة في أعماق عقله الباطن، وربما ظهر تأثيرها من وقت إلى آخر على شكل شعور بانخفاض المزاج. رغم أن هذا الطفل يدرك أنه ليس بالفعل قبيحا أو قليل الذكاء. لقد تحول ماسمعه أثناء طفولته إلى اعتقاد يثق فيه. وهذا ما يدفعنا، لتوصية كل الآباء والأمهات والقائمين على العمليه التربوية والتعليمية لأن ينتبهوا جيداً لكل ما يقولونه لأطفالهم. ونذكر أنفسنا وإياكم بقول المصطفى صلى الله عليم وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، أو كما قال عليه السلام.