12 نوفمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); حوادث مختلفة في العالم، كشفت لنا وبما لا يدع مجالا للشك، أنه ليس العالم العربي وحده، من يحتاج إلى تنسّم عبق حرية الرأي والتعبير، ونبذ خطابات الكراهية والتحريض والتمييز والعنف. فإذا كان الغرب الذي يتغنى به البعض، وبأنه واحة جميلة من قبول الآخر يتوسطها تمثال الحرية، مازال يتعامل بازدواجية مقيتة مع الكثير من القضايا الداخلية والخارجية، خاصة إذا كان لها علاقة بمنطقتنا العربية وشعوبها. ازدواجية فاضحة في ممارسات حرية الرأي والتعبير ونبذ الكراهية والتحريض، كشفتها حوادث كثيرة، لم يكن أولها الملاحقات المخزية لروجيه جارودي، ولم يكن آخرها حادثة "شارلي إيبدو"!شاركت خلال هذا الأسبوع في مؤتمر "حرية الرأي والتعبير في العالم العربي بين الواقع والطموح"، والذي نظمته إدارة الحريات العامة وحقوق الإنسان بشبكة الجزيرة الإخبارية، بالتعاون مع اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بقطر. خلال أوراق المؤتمر، جالت في خاطري الكثير من الأفكار، فنحن نعيش في وضع معقد، ولا أعلم هل "نعيش" في الجملة السابقة، تحدث بمحض إرادتنا، أم هي مفروضة علينا، أسهمنا نحن بتمرير نمطها وهيمنة الآخر علينا؟!الجميع ينادي بمسؤولية اجتماعية وأخلاقية، يُفترض أن تلتزم بها جماهير مجتمعاتنا الخليجية والعربية، فيما يتعلق بحرية الرأي والتعبير ونوع الخطاب الموجه للآخر، ولكن بالتأكيد لا يمكن أن نقبل بأن يكون ذلك العنوان الجميل، أداة لقمع الحريات وكتم الأصوات.لا يمكن أن نقبل بأن تكون تلك الفضيلة الرائعة، مظلة لأي انتهاك، وتبريرا لأي اعتداء أو تحريض أو عنف يوجه ضد الأفراد والمجموعات أيا كانت.في ذات الوقت، أفترض بأن هيئات ومنظمات حقوق الإنسان، قد أكسبتها الحياة نضجا لتفرّق بين المعارك الحقيقية التي عليها أن تخوضها وأن تقاتل وتنتصر للإنسان فيها، وبين معارك وهمية يصطنعها بعض من امتهن المتاجرة بالسياسة والمذهب وحقوق الإنسان، وهم كثرة وليسوا قلة وللأسف.لا يمكن للمرء أن يعيش في حالة ازدواج مع المبادئ والقيم، فخطابات الكراهية والتحريض والدعوة إلى العنف، لا يمكن قبولها والتصفيق لها في قضايا، وتكفير مرتكبيها وتجريمهم في قضايا أخرى.ليس هناك من رقابة صادقة وحقيقية على حرية الرأي والتعبير، أكرم وأنقى وأقدس من رقابة الضمير والشرف المهني، ومتى ما غابا، فلك أن تغادر المكان لأنك ستهزم.ليس العالم العربي وحده من يعاني، فأوروبا نفسها تعاني من انتشار رهيب لأحزاب التطرف والتحريض على الكراهية والعنف، بلغت في ألمانيا وحدها أكثر من 90 منظمة للنازيين الجدد، غالبيتهم أصحاب ثراء، يصنعون لهم مجتمعا موازيا من الحقد والكراهية، بدأ يمتد في طول أوروبا وعرضها، لابد له أن ينفجر يوما ما، وقد انفجر.وإذا كان الغرب يعاني من أحزاب سياسية امتهنت تلك المهمة العنصرية السوداء، فالمال السياسي نجح أن يصنع في دولنا العربية إعلاما رخيصا موازيا، خاليا من كل المعايير الأخلاقية والإعلامية، مليئا بكل شيء عدا من المهنية والشرف الإعلامي.في مجتمعاتنا العربية، حياتنا باتت مفخخة بقنابل (قنوات) ووسائل إعلامية موظفة لضرب المخالف وتسقيطه، إما بالقنابل الصوتية وإما بأسلحة كاتمة للصوت.في العام 2005، أنتجت هوليوود فيلما مرعبا بعنوان "Lord of War"، من بطولة الممثل العالمي نيكولاس كيج.في ذلك الفيلم، مثل كيج دور تاجر أسلحة سوفيتي، مهمته السفر إلى بلدان العالم الثالث التي طلبت من الاتحاد السوفيتي شراء الأسلحة بأنواعها المدمرة والخفيفة، لاستخدامها في الحروب الأهلية هناك في العام 1989.الفيلم يشرح كيف تعبث تلك الدول بمجتمعاتنا، فهي من تبيع الأسلحة وتذكي الحروب، وهي من تقود مبادرات السلام التي تستلم على إثرها جوائزها المختلفة.العالم لم يتبدل، ولكن الأساليب القذرة تطورت!تابعوا ما يحدث في دولنا، ستجدون أن غالبيتها تعيش في دائرة ملتهبة من حروب هويات صغرى، ابتلعت كل عناصر وحدتها وثوابتها، فما عاد للهويات الكبرى كالدين أو الوطن أي اعتبار.الاعتبار فقط لتلك الهويات الصغرى، التي وجدت من يحتضنها ويرعاها، بل وجدت من يقدسها ويوظفها لتنفيذ مخططات التقسيم التي مَكر الليل والنهار لتحقيقها، وهاهو يراها متحققة، دون أن يرسل أي جندي واحد لأرض المعركة.أولئك هم ملوك التحريض والكراهية والعنف، الذين لا يمكن مجابهتهم والتصدي لهم، إلا من خلال تكتلات وتحالفات إعلامية وسياسية، تعرف مع من تتعامل، تسعى لتشكيل حلف الشرف الإعلامي، الذي لم نعد نسمع مصطلحاته في بلاط صاحبة الجلالة.