09 نوفمبر 2025
تسجيلحينما قيل لي في الماضي القريب بعض الشيء أن وزيرة الخارجية الأمريكية (هيلاري كلينتون) 65 عاماً قد أصيبت بجلطة دموية ومكثت في العناية المركزة تحت عناية طبية مشددة تحرص على سلامة هذه المسؤولة المهمة في حكومة أوباما والناطق الرسمي لسياسة أمريكا في العالم الخارجي لم يكن إهمالاً مني في تتبع سير صحة الوزيرة (هيلاري) آنذاك باعتبار أنها كانت شخصية مؤثرة عالمياً لكنني أعترف بأنني تمهلت لحين انبلاج خبر أكثر تأثيراً يمكنني بعده أن أحدد ردة فعل مناسبة حياله!..فالمرأة وإن كانت قد سقطت فجأة ولا يمكن لأي أحد أن يشمت بها لأن ما تعرضت له يمكن أن يتعرض له أي شخص وقد يُبتلى من يعيب إلا أنها ذهبت وجاء خليفتها جون كيري مكبلين بسلسلة من ملايين الدعوات الكارهة لهما ولبلادهما وهي دعوات من تعرضت لظلم واستبداد الولايات المتحدة الأمريكية التي لاتزال ماضية في سياسة يختلف عليها الكثيرون لكنها تتفق حول استراتيجيتها وجديتها وأبجديتها للتعامل مع المشاكل التي تحشر واشنطن أنفها الكبير فيه أو تدخل كأحد الأطراف المهمة فيها لا سيما قضيتي أفغانستان والعراق وما يعنيني حقيقة وأجد نفسي مائلة للتحدث فيه هو التعرض لتاريخ هذا البلد منذ حرب الخليج التي أحالت هذا البلد في غمضة عين إلى موطن للتناحر الطائفي ومكب لزهق الأرواح وتراب بات أكثره مقابر وليس منابر كما كانت عليه عاصمة الرشيد!..فهيلاري كلينتون تمثل أسوأ ممثلة لبلد قتل في العراق هويته وروحه وجماله ومكانته !..وربما يخرج لي من يقول وكيف كان العراق قبل الحرب لتتحسري عليه اليوم؟!..كيف كان بعصر صدام حسين لتأسفي عليه وهو بعصر معصوم والعبادي وطبعاً في عهد المجرم المالكي ؟!.يكفي أن العراق كان مرتعاً للعقول المبدعة في العلم والطب ولم يكن استهدافهم بالتجنيد أو الإبادة كما جرى ويجري حتى الآن !..يكفي أن الطائفية التي تكتوي منها كل مدن ومحافظات العراق اليوم لم تكن قبيل حرب الخليج حتى وإن كان صدام بالقسوة التي قيلت فيه لكنه كان يمسك الدولة من جهاتها الأربع وليس من رأسها لضمان الحكم والسلطة تاركاً الذيل يلعب به من أراد التسلل إلى قلب العراق!.. يكفي أن العراق كان يسمى (روسيا العرب) على النحو الذي كانت عليه روسيا أيضاً في الماضي وهذا لم يكن لمجرد الدعاية اليوم لتاريخ هذا البلد العربي الملاصق لبحر الخليج العربي لكنه حسرة على اللعبة القذرة التي شبكت خيوطها الولايات المتحدة ممثلة في السفارة الأمريكية بوسط بغداد وأودت بالعراق محتلاً لدولة الكويت الشقيقة وتمضي حروب الخليج التي تعاقبت معلنة أن العراق حتى اليوم يمثل بلداً محتلاً فكرياً وميدانياً وسياسياً وعسكرياً وموجهاً من الإدارة الأمريكية التي حتى وإن أعلنت انسحاب قواتها فإنها قد أبقت على آثار نتنة لها لا يمكن أن تزول حتى وإن حاول العراقيون أنفسهم محوها !..آثار تثبت بأن هناك من باع عاصمة الرشيد لأمريكا وبريطانيا وقوات التحالف وإن الجنود الذين اصطدموا في بادئ الأمر من الحرب بصقور الجيش العراقي كانوا متأهبين لدخول بغداد على منابر من ذهب وإن كل ما ينتظرهم حينها هو مشاهد لراقصات عراقيات بعيون سوداء واسعة وعري وشراب والكثير من الأوهام التي باعتها حكومة بوش آنذاك لجنودها لتحفيزهم على المضي ودخول العراق على أسنة الرماح التي غدرت منهم الكثير وجعلتهم يعودون إلى بلادهم ولكن على توابيت مغطاة بعلمهم الأنيق!.. واليوم فالعراق قد تحولت إلى مدينة موقوتة يخشى ساكنوها من أن يخرجوا ليلاً أو يركبوا مركبة يتوجسون أنها ستنفجر بهم في أي لحظة أو يتعرضوا لقتل أو سرقة ونهب ولم يتركها الأمريكيون إلا ليقضي أصحابها عليها وليس للبناء وما يزيد الطين بلة وقهراً هو أن يكون حكم العراق بيد الذين لا يبدو أنهم على قدر وعوده التي أطلقوها قبيل ترؤسهم للحكومات المتعاقبة لكنهم أشبه بديكتاتوريين أشد فظاعة وبشاعة ليحكموا بلداً مثل العراق التي نأسف أن يكون حاضرها على أتون نار محرقة ومستقبلها لا يؤذن بالبشائر!.. نأسف أن تكون العراق بعد أن كانت داراً للحكمة والثقافة أن تغدو مقراً للفساد الحكومي الذي حرك الحشود للحاق بركب (الربيع العربي) حينما هتف الشعب سنة وشيعة في حكم المالكي بأن حكمه يجب أن يسقط كما سقطت عروش الطغاة في مصر وتونس واليمن وما يوشك عليه في سوريا بإذن الله وهذا ما أتمناه والله لبلد أحبها وأن يزيد الغضب الشعبي حتى يشمل كل محافظات العراق ومدنه وألا يموت الأمر قبل أن يبدأ فالموت الذي سيدفع ثمنه العراقيون في غضبتهم هذه ليس جديداً على أفراد يذوقونه كل يوم وكل لحظة حتى يبدو الخارج من منزله مشروع شهيد قائم حتى يعود إلى بيته سليماً معافى !.. نريد لهذا البلد أن ينال نصيبه من الحرية التي حُرم منها عقوداً وتقاسمت بعض الشعوب (المحررة) خيراتها وآن للعراق أن يلحق بما يجب أن يكون له خصوصاً وإن حكوماته قد ظلمته واستبدت وقتلت من أنصار السنة ممن لم يخجل من نسائهم وصغيرهم اليافع وكبيرهم العاجز وأودى بالبلاد والعباد إلى هاوية لا يمكن أن نطلق عليها اسم العراق !...ولذا لا يمكن أن تحصل الولايات المتحدة على دعوات لها بالتوفيق والنجاح لأنها وإن كانت لم تشهد البداية الفعلية لتدمير بلاد الرافدين فإنها بلاشك قد كانت القنبلة الموقوتة التي فجرت الأوضاع هناك نحو مأساة نجهل كم سيحتاج العراق لمعالجتها وهذا بحد ذاته دية ثمينة على أمريكا أن تدفعها بجانب دية باهظة الثمن من أفغانستان المسلمة التي لاتزال أمريكا تساهم في جرها لعصور الجاهلية وشغلها بالحروب وإشعال جذوة حركة طالبان من جديد لتكون طرفاً مع حكومة صنعتها الولايات المتحدة متمثلة في حكومات أفغانستان التي تشبه إلى حد بعيد حكومات العراق بخلاف واحد وهو أن الأولى حكمت دولة كانت ولا زالت من تراب والثانية تحكم أرضاً كانت حاضنة الخلافة العباسية وحضارة مهيبة من الثقافة والفكر والتنوير وباتت أيضاً من تراب !..لا بارك الله في الحكومتين ! فاصلة أخيرة:يا أبناء العراق.. لو كان بيدنا شيء لجئناكم زحفاً.. ولو كان بهذه الأيدي شيء آخر لاستنفرت الأقدام ونصبت الظهور ورفعت الرؤوس وأنطقت الألسن وأحيت القلوب وهتفت أوّاهُ يا عراق!