10 نوفمبر 2025
تسجيللأول مرة أحضر فيلماً في السينما وتجتاحني مشاعر الفخر، الاعتزاز، الولاء، الانتماء والإعجاب، فلم يَكُن فيلماً جميلاً في محتواه، ولا رائعاً في رؤيته الإخراجية الشابة بل فيلم سَطّر باختصار سيرة حياة قائد عربي لا يتكرر، زعيم لم يأت للسلطة لدوافع شخصية بل لتنفيذ رؤية ورسم مستقبل باهر للأجيال وهذا ما ورد في كلمة سمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله في خطابه التاريخي عندما أعلن تسلمه لمقاليد الحكم في 27 يونيو 1995 فقال الأمير الوالد الشيخ حمد ( الله يعلم أنني ما اردت السلطة غاية في ذاتها ولا سعيت إليها لدوافع شخصية بل هي مصلحة الوطن أملت علينا أن نعبر به الى مرحلة جديدة)، وسلّط الفيلم الضوء على الخطط والبرامج التنموية والإصلاحية التي تلت تسّلمه للحكم رغم الظروف المالية الصعبة التي كانت تمر بها قطر، إلاّ أنه وبقراراته الحكيمة وعمق رؤيته وسداد رأيه استطاع أن يعبر بقطر من الأزمات ليضعها في مصاف الدول الكبرى والتي يُحسب لها الغرب ألف حساب بل أنها شغلت منصب الوسيط الدبلوماسي الأكثر نجاحاً في حل الأزمات السياسية بين الدول المتنازعة وبذلك يكون قد حقق الحلم الذي طالما حلم فيه سمو الأمير الوالد في أهمية ومكانة قطر. حاكى الفيلم شخصية سمو الأمير الوالد القيادية التي كانت بارزة منذ مقاعد الدراسة بل وقوميته واهتمامه بقضايا الوطن العربي حيث قاد وقفات مناهضة ضد الاستعمار في الجزائر، وطالما كانت القضية الفلسطينية أحد هموم سمو الأمير الوالد وكان الزعيم العربي الوحيد الذي زار غزة في عام 2012، ووثق سعادة عبدالله بن حمد العطية نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الطاقة والصناعة السابق مراحل طفولة سمو الأمير الوالد وعلاقة الصداقة التي جمعتهما وملامح شخصيته، كذلك وثّق الفيلم شهادات لسمو الشيخة موزا بنت ناصر عن علاقتها بسمو الأمير الوالد واهتمامه بالمرأة وانفتاحه الفكري وتقديره ودعم سموه لسموها في كل المحافل، كما وثقّت شهادة سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني رئيس مجلس الأمناء لمؤسسة الدوحة للأفلام ومتاحف قطر اهتمام والدها بفنون التاريخ الإسلامي والمتاحف بشكل خاص، وصرحت سعادتها بأن الفيلم احتفال بمسيرة تطّور دولة قطر في ظل قيادة الامير الوالد، وكيف أنه أعاد إحياء الثقافة العربية وتعزيز الشعور الجماعي بالفخر والاعتزاز. ووثق الفيلم شهادات لمسؤولين عاصروا الأمير الوالد في خطة بناء قطر الحديثة منهم معالي الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني رئيس الوزراء ووزير الخارجية السابق، سعادة عبدالرحمن بن حمد العطية الذي بيّن جوانب مخفية من شخصية الأمير الوالد وصفاته الحميدة، سعادة الدكتور حجر بن احمد البنعلي الذي كشف عن اهتمام الأمير الوالد بالمجال الصحي وإشرافه على إنشاء مستشفى القلب، أمّا شهادة سعادة محمد بن همام العبدالله بينت حلم الأمير الوالد في استضافة كأس العالم 2022 والذي تحقق بفضل من الله ورؤيته السديدة. كما كانت شهادات لرؤية الأمير الوالد للسيد إبراهيم الإبراهيم المستشار الاقتصادي لسمو الأمير الوالد بالإضافة إلى سعادة السيد يوسف حسين كمال العمادي الذي شغل منصب وزير المالية سابقاً والذي قّدم شهادات عن خطط الأمير الوالد المالية. تَنقّل الفيلم من موضوع لآخر بشكل إبداعي ليحاكي نشأة الأمير الوالد، الدوحة القديمة، مراحل التطور العمراني، المشاريع الاقتصادية والاستثمار في الغاز، التحول السياسي، الانفتاح الإعلامي ورفع الرقابة وإطلاق قناة الجزيرة التي أحدثت ثورة إعلامية في المنطقة وأصبحت أحد أهم القنوات الإعلامية في العالم، الاستثمار الرياضي، الاهتمام بالصحة والتعليم، تمكين المرأة ومشاركتها القرار السياسي، إحياء الثقافة والاهتمام بالمتاحف والأهم التركيز على العنصر البشري وضمان حقوق الأجيال القادمة. وبعد كل الإنجازات العظيمة التي حققها سمو الأمير الوالد والتي كَسب فيها قلوب شعبه بتواضعه ومحبته للجميع أصبح الوطن لكل القطريين، وبقرار شجاع ورؤية نافذة فاجأ العالم بقرار تسليمه الحكم لابنه الشاب صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وهو خير خلف لخير سلف، وبرر ذلك في خطابه ( أنني اليوم أخاطبكم كي أعلن أني أسلم مقاليد الحكم للشيخ تميم بن حمد آل ثاني وأنا على قناعة تامة أنه أهل للمسؤولية وجدير بالثقة وقادر على تحمل الأمانة وتأدية الرسالة)، وكما اعتبر الشيخ حمد أنه ( حان الوقت أن نفتح صفحة جديدة أخرى في مسيرة وطننا يتولى فيها جيل جديد المسؤولية بطاقاتهم المتوثبة وأفكارهم الخلاقة)، وقد تكون انتهت حقبة تاريخية مهمة في تاريخ الحُكم في قطر إلاّ أنها لم ولن تنتهي في ذاكرة وحياة القطريين الذين يكّنون كل الحب والتقدير والاحترام لباني النهضة وسبب التطّور والانفتاح والرفاهية التي يعيشون فيها في قطر، وتحققت أمنية الأمير الوالد التي صَرح عنها يوماً في أحد اللقاءات أن تكون قطر المكان الذي يحلم أن يعيش به الجميع، وفعلاً هي مقصد للكثير من الوافدين ومن عاش ويعيش فيها لا يمكنه العيش في بلد آخر. • هو ليس فيلماً وثائقياً فحسب، هو ملحمة تاريخية لقائد وزعيم عربي ترك إرثا تاريخياً ضخماً وقدوة للزعماء والحكام والأجيال، كما تركَ أثراً طيباً في قلوب الشعب القطري بكل أطيافه، أطال الله في عمره وحفظه من كل شر. • تحية تقدير لمؤسسة الدوحة للأفلام بقيادة سعادة الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني رئيس مجلس الأمناء لمؤسسة الدوحة للأفلام ومتاحف قطر، والسيدة فاطمة الرميحي الرئيس التنفيذي لمؤسسة الدوحة للأفلام لإنتاجها فيلماً وثائقياً ستتناقله الأجيال، ولإعطاء الثقة للمخرجتين المبدعتين أمل المفتاح وروضة آل ثاني اللتين قدمتا عملاً فنياً راقياً ممزوجاً بالحداثة والهوية الوطنية وأثبتا أن إبداع القطريين لا حدود له.