الوقت.. ثروة

أهم ثروة يمتلكها الإنسان ويسرف للأسف في استخدامها دون وعي هي " الوقت " وهو الفارق الواضح بين نجاح الإنسان وفشله في طريقة إدارته، وعمر الإنسان كله بكل إنجازاته يقاس بالوقت، ذاك الراحل دون عودة، نعم، فالوقت إن مر لن يعود ولن يعوض مرة أخرى. لذا لابد من استغلاله بطريقة صحيحة في الأعمال المفيدة والنافعة والتي تعود على حياتنا بالخير. فالنفس إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل، وما أضاع النبي عليه الصلاة والسلام أي جزء من وقته إلا فيما هو مفيد من عبادة أو عمل صالح، حتى صمته عليه الصلاة والسلام كان تفكراً وتدبراً وذكراً. وللمتأمل لحياتنا يجد أنها لا تقاس بعدد سنواتها وإنما بحجم الإنجازات والأعمال النافعة التي قاموا بها، فهناك من أنجز الكثير من الأعمال الناجحة رغم قصر عمره، ومنا من رحل بعد سنوات طويلة لا فائدة منها، ومن أجل تنظيم واستثمار الوقت بصورة علمية وعملية على الإنسان أن يحدد قائمة الأهداف التي يسعى للوصول إليها، سواء كانت شخصية أو عائلية أو اجتماعية أو علمية أو عملية، لأن وضوح الأهداف وبلورتها يعتبر الخطوة الأولى لاستثمار الوقت بطريقة سليمة وفعالة. "الوقت هو المال" هي عبارة استخدمها "بنجامين فرانكلين" في مقال له بعنوان "نصيحة لرجل أعمال شاب"، قد تبدو هذه العبارة واقعية، ولكن الحقيقة هو أن الوقت أثمن بكثير من المال، حيث إن الوقت يعتبر موردا قيما ومحدودا في نفس اللحظة، يمكن للمال المُهدر أن يُسترجع، ولكن ثانيةً واحدة مهدرة من وقتنا لا يمكن استرجاعها ابدا، إدارة الوقت مهارة نرغب جميعاً في تحسينها، بينما نبقى في تصارع دائم مع مسألة تنظيم الوقت. يتساءل "فرانكلين" في مقاله، هل تحب الحياة؟ إذاً لا تهدر الوقت ؛ لأنه المادة التي صُنعت منها الحياة، استثمار الوقت وإنفاقه بحكمة يساعد في تحقيق النجاح على المستوى الأكاديمي والمهني والشخصي، وهو ضرورة مُلحّة للاستمتاع بحياة أفضل على المدى الطويل. إن الاستخدام الصحيح للوقت يبين الفرق بين الإنجاز والاخفاق، فمن بين الـ 24 ساعة يومياً، يوجد عدد محدد منها للقيام بالأعمال، والاستفادة من كل دقيقة نعيشها خلال أعمارنا شيء مهم جداً للإنجاز بشكل اقتصادي وفي الوقت الصحيح. عزيزي القارئ، مفتاح النجاح والتميز يكمن في استغلال الوقت بذكاء وذلك بالتركيز بشكل واعٍ، ركز على أهم مهامك وأدها أولاً بأقوى طاقة وأفضل جودة لديك ثم انصرف للأمور البسيطة. والعبادات في الإسلام تعلم المسلم قيمة الوقت واحترامه، فأغلب العبادات ترتبط بوقت معين، وهي التي تعلم المسلم وتربي فيه قيمة احترام الوقت. ترتيب الأعمال من أهم خطوات الاستفادة من الوقت، يقول "تشارلز داروين" إن الرجل الذي يجرؤ على إضاعة حتى ساعة من حياته لم يفهم أبداً قيمة الحياة. ونجد أن المجتمعات التي تحرص على حسن استغلال أوقاتها وتسعى لتنظيمها هي الأقدر على النهوض والرقي الحضاري، لذلك نجدها متقدمة تعمل على برمجة الأفراد فيها على احترام الوقت والالتزام به حتى تتحقق منظومة الرقي الحضاري. أخيراً اجدني أجزم على ان إهدار الوقت يكلفنا الكثير على المدى الطويل. تقول حكمة يونانية قديمة: "أكثر النفقات تكلفة هو الوقت"، إذاً فالوقت مهم والمحافظة عليه ضرورة، والاستهتار به أمر بالغ الخطورة فهو رأس المال الحقيقي لكل شخص، إن خسره خسر عمره، وإن حافظ عليه فالنجاح حليفه. كاتبة قطرية ومدربة تنمية بشرية وتطوير ذات مستشارة علاقات عامة واتصال [email protected] @almutawa_somaya