13 نوفمبر 2025
تسجيلفي السابع والعشرين من يناير المنصرم خرج الفريق البشير على شعبه بمشروع حوار سلام وطني قال إنه يهدف إلى الوصول إلى تراض وطني يخرج بلاده من أزمتها المتطاولة. كثيرون اعتبروا خطوة الرئيس البشير مناورة سياسية هدفها كسب الوقت وجرجرة أرجل المعارضة وإلهائها بحوار غير جاد حتى يحين موعد الانتخابات. وحينها يصبح الجميع أمام أمر واقع، ويضطرون إلى دخول تلك الانتخابات وهم صاغرون دون أن تدفع الحكومة ما يليها من استحقاقات السلام المنشود التي أقلها إطلاق الحريات السياسية والإعلامية. وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين. وقد صدق حدس المعارضة. فقد ظلت مطلوبات الحوار الوطني الذي يبتغيه الجميع مجرد أماني حبيسة في الصدور ولا يرى لها أثرا على أرض الواقع والانتخابات تغدو قاب قوسين أو أدنى. ثم يفاجئ الرئيس معارضيه الذين سبق أن بسط لهم الأماني العذبة بحوار بناء من أجل تراض وطني ظل مفقودا ومطلوبا منذ فجر الاستقلال. وجاءت مفاجأة الرئيس لمعارضيه من العيار الثقيل. فقد تقرر إجراء انتخابات شكلية، نتيجتها تحصيل حاصل بعد أن انفرد النظام بإعداد قوانينها. وسجلها الانتخابي، وترسيم دوائرها في غياب كامل للقوى السياسية المعارضة التي يفترض أنها ستخوض معركة هذه الانتخابات. واكتفى النظام بتوجيه دعوة مراكبية كما يقول المثل الشعبي لهذه القوى للاشتراك في الانتخابات في تزاك غريب على قوى سياسية ذات مراس وتاريخ طويل في ممارسة الانتخابات بدراية وفهم عميقين.. المعارضة لم تكتف برفض هذه المشاركة الصورية فحسب، إنما حشدت قواها ووحدت صفوفها وتحدت الحكومة بإعلان برنامج (نداء السودان) الذي هو عبارة عن مسعى متكامل للعمل على إسقاط النظام. وللمرة الأولى توحدت فيها المعارضة المسلحة ممثلة في الجبهة الثورية ببنادقها المتعددة، مع المعارضة السياسة المدنية ممثلة في حزب الأمة القومي، أكبر الأحزاب السياسية في السودان، وممثلة كذلك في أحزاب (قوى الإجماع الوطني) بتكويناتها المتعددة، وفي منظمات (قوى المجتمع المدني) بحصافتها الفكرية. وكما هو متوقع استشاط النظام غضبا. وجاء رد فعله سريعا: مزق أوراق مشروع الحوار عمليا ورماها في سلة المهملات. واعتبر جميع المعارضين خونة وعملاء للصهيونية العالمية. وأعلن بديلا للحوار عن تعبئة مليشيا حزبه المسماة بالدفاع الشعبي. مضافا إليها بطبيعة الحال مليشيا الجنجويد المسماة بقوات الدعم السريع لتعود أوضاع السودان السياسية إلى مربعها الأول. أحد المعلقين السودانيين تحسر على فرصة التراضي الوطني التي ضاعت من بين يدي القوى السياسية، تمنى لو أصابت العدوى التونسية وطنه المأزوم.