16 نوفمبر 2025
تسجيلفي الحديث الشريف عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى:"أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلى بشبر تقربت إليه ذراعا، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي، أتيته هرولة".حديث عظيم لو لم نستفد منه سوى فائدة واحدة لكفى.. إنها المتمثلة في حُسن الظن بالله.. وهل هناك عاقل يمكن أن يسيء الظن بخالقه؟ نعم، هناك من يسيء أو تتكوّن عنده بعض الشكوك، وهذا الشك أكبر وأعظم مما لو ارتكب كل الكبائر.إنك حين تحسن الظن بإنسان، فلأنك رأيت منه ما يدعوك إلى ذلك، وحين تسيء الظن به فلأنك أيضاً رأيت أو تجمعت لديك ما يكفي من الأدلة والبراهين، على عدم منحك له مزية الثقة أو حسن الظن به.هذا الأمر مع البشر لا شيء فيه ولا أحد يلومك في منح أو سحب الثقة من إنسان ما.. لكن أن تتعامل بالمثل مع الله، الذي يعلم السر وأخفى، فهذه مصيبة يرتكبها هذا الإنسان في حق نفسه ما لم يتدارك الأمر.إن حُسن الظن بالله هو الحقيقة الخالدة، التي تاه كثيرون عنها بسبب ذرات شك داخلت نفوسهم واختلطت بها لسبب وآخر، وإن إساءة الظن به سبحانه، إنما هي الجهل ذاته. خذ مثالاً واحداً لن أزيد عليه أكثر، لكن اعلم قبل ذلك أن من علامات معرفتك بالله حق المعرفة هو إحسان الظن به، ومثال ذلك أن يكون عندك اليقين التام الذي لا يتزعزع أن طاعتك لله لن تحصد بعدها سوى كل خير، وإن لم تستشعـر الخير بصورة مباشرة، فإنه سبحانه أدرى بالكيفية التي يوصله إليك وفي وقته ومكانه المناسبين.. وإن مجرد التوهم أن طاعتك له قد تسبب لك أقل المصاعب وتجر إليك أدنى المشاكل، فهو دليل على حاجتك الماسة إلى مراجعة علاقتك بربك، فالعلاقة لن تجدي على هكذا أساس، بل على حقيقة ثابتة متمثلة في قوله تعالى:"وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ".