06 نوفمبر 2025
تسجيلالمسؤولية أمانة عظيمة خصَّ الله بها الإنسان دون سائر المخلوقات؛ وذلك لأهمية هذه الوظيفة الكبيرة في حياة سائر خلقه؛ فأسند المسؤولية للإنسان لتميُّزه بالعقل والحكمة وقدرته على نفع ومساندة غيره. وتُعرَّف المسؤولية بأنَّها: قدرة الشخص على تحمُّل نتائج أفعاله التي يقوم بها باختياره، وكذلك قدرته على تحمُّل مسؤولية مَن يتولى أمرَه في طريق حياته. والمسؤولية شعور أخلاقي يجعل الإنسان يتحمَّل مسؤولية ما يقول وما يفعل بشكلٍ فيه ثقة. وأكد الإسلام على خطورة المسؤولية ومَن يتولاها؛ فخاطب اللهُ أهلَ الولاية بضرورة اللين وخفض الجَناح لمن تولَّوْا أمورهم؛ فقال تعالى: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الشعراء: 215]. وأكدت السنة على ضرورة الرفق ورفع المشقة؛ فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ". رواه مسلم. وهذا الحديث رسالة شاملة موجزة لكل مسؤول في أي منصب من المناصب؛ فيوضح لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمر الولاية والمسؤولية يجب فيه الشفقة والرحمة والرعاية والعناية، وكثير من الصبر، فلا يملُّ من متابعة أمورهم، فيأمر بالحقِّ، ويزجر عن الباطل، مع الرفق والحكمة في كل الأمور. وفي الحديث قاعدة مهمة لا بد أن يعلمها كل مسؤول وهي: أن الجزاء من جنس العمل؛ فمَن التمس الرفق والتيسير للناس في وظيفته فإنه يُجازَى بمثل ذلك، ومن التمس الإشقاق على الناس والتضييق عليهم فإنه يُجازَى بمثل ذلك، ولا يظلم ربك أحدًا. فنصيحتي لكل مسؤول التحلي بالتواضع والأخلاق الحسنة والروح الطيبة والنفس البشوشة والشخصية المعطاءة التي تخدم الجميع بحب وتَفانٍ، فمن لزم التواضع قبل المنصب وأثناء المنصب وحتى بعد المنصب هؤلاء مِن ثُلَّة الأخيار الذين لا تُغيِّرهم المناصب مهما علَتْ. فليحرص كل مسؤول على تيسير أمور الناس في حدود صلاحياته، ويؤدي الأمانة تجاه وظيفته بكل دقة ومتابعة حتى يفوز بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم. أسال الله تعالى أن يوفق كل مسؤول لخدمة الناس ورعاية مصالحهم على الوجه الذي يُرضيه سبحانه، وأن يرزقنا جميعًا الإخلاص في القول والعمل. اللهم آمين. [email protected]