11 نوفمبر 2025

تسجيل

كن جميلاً ترى الوجود جميلاً

24 سبتمبر 2012

قال صاحبي: يسمع الشباب الكثيرين الذين يتحدثون عن السعادة التي تنبع من داخلنا، وبعض أعزائي يشككون في هذا ويقولون: أين كل ما تتحدث عنه الدعاية التجارية من متعة المال والسياحة والسفر واللهو.. هل هذه الأشياء داخلية؟ أو أنكم تريدون إيجاد شيء لتعزية المحرومين أمثالنا؟ قلت: الجواب: لا.. من المهم أن نفرق بين السعادة واللذة.. اللذة فعلاً تأتي غالباً من وراء تناول شيء أو النظر إلى شيء محسوس.. وهي تتصف بكونها عابرة ومؤقتة، فالتلذذ بالطعام والشراب والنوم على فراش ناعم.. فإذا انصرفنا عنه إلى شيء آخر، انتهت اللذة، وصارت ذكرى. وإذا كان التلذذ بشيء محرم، فإن المتلذذ يشعر بشيء من وخز الضمير والندم؛ لأنه يحس بأنه عصى الله تعالى وأنه ضعيف أمام رغباته. أما السعادة، يا معشر الشباب، فإنها ليست شيئاً عابراً، إنها نوع من التربع على قمة السرور والرضا والطمأنينة، وهذا ينشأ في أغلب الأحيان من شعور المرء أنه على الطريق الصحيح والموقف الصحيح والعلاقة الصحيحة، وباختصار انه الشعور الذي ينشأ من اعتقاد المرء أنه يعيش وفق مبادئه، ولهذا كان أهل الصلاح أسعد الناس بالطمأنينة والأمان، لأن منهاج حياتهم منضبط بوضوء وصلاة وصوم، وبصدق وعدالة وتعاون مع الآخرين، وكذلك نحو المجتمع. وبهذا الصدد قال تعالى: "الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون"، الأنعام. قال صاحبي: هل لنا أن نسألك ذكر بعض التفاصيل علّنا نشعر بالسعادة؟ قلت: حبا وكرامة.. وإليكم هذه التفاصيل: * حين نتذلل بين يدي الرب الرحيم، وحين نناجيه ونشكو إليه ضعفنا. * حين ننتصر على أهوائنا، ونصمد في وجه المغريات. * حين نساعد غيرنا على مواجهة صعوبة الحياة. * حين تغتني عقولنا بالأفكار المبتكرة. * حين ننجز عملاً كبيراً، وتمتلئ قلوبنا بالرضا عنه. * حين تظل نفوسنا وأيدينا مشغولة بالعمل من أجل الحصول على شيء نريد الحصول عليه. قال صاحبي: ما الذي يعنيه هذا بالنسبة لشبابنا؟ قلت: إنه يعني الآتي: أ- ابحثوا عن المسرات الدائمة من خلال عمل الصالحات. ب- البطالة والكسل والتقاعس مصدر من مصادر التعاسة فتخلصوا منها إن أردتم السعادة. ج- دربوا أنفسكم على أن يكون فرحكم جماعياً من خلال إدخال السرور على الأهل والأصدقاء. واعلموا أن ادخال السرور على الناس باب من أعظم أبواب التقرب إلى الله تعالى. د- في إمكان المرء أن يبتهج بالقليل الذي بين يديه، وأن يجعل منه مصدرا لسرور مديد، إذا تحلى بالرضا. والله من وراء القصد...