10 نوفمبر 2025
تسجيليعكس التقييم الائتماني السيادي لدولة ما، مدى الاستقرار السياسي والاقتصادي، وقدرة الدولة على تحقيق موارد كافية من النقد الأجنبي. ومن ثم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الخارجية في تواريخ استحقاقها دون تأخير. وتعود أهمية التصنيفات السيادية بسبب دورها الكبير في تحديد قدرة الدولة ومؤسساتها الحكومية والخاصة، على الاقتراض وعلى الحصول على رءوس الأموال من الأسواق الدولية، وكذلك قدرتها على إجراء التعاملات التجارية والمالية الدولية. حيث يؤثر التصنيف الائتماني على الاقتراض الدولي، من حيث إمكانية حصول الدولة ومؤسساتها، على القروض الدولية بأدواتها المختلفة من أسواق رأس المال العالمية. كذلك تؤثر على تحديد تكلفة الاقتراض الخارجي، من خلال تحديد هامش سعر فائدة الإقراض فوق سعر الليبور، على القروض المشتركة التي تحصل عليها الدول النامية. فكلما كان التصنيف جيدا كلما انخفضت نسبة هامش الفائدة المضافة على سعر الليبور. والعكس صحيح. وهو ما يتضح في ارتفاع سعر الفائدة على السندات التي طرحتها الحكومة المصرية بالأسواق الدولية في ظل انخفاض درجة تصنيفها. كما يؤثر التصنيف الائتماني على الاستثمار الأجنبي من خلال اعتماد المستثمر الدولي في تكوين محفظة استثماراته على التصنيف الممنوح للدول. وكذلك على التصنيف الممنوح للبنوك والمؤسسات والشركات التي تعمل بها، وعلى تصنيف الأدوات المالية التي تصدرها تلك الكيانات الاقتصادية. وهكذا يمكن للتقييم السيادي أن يحول المستثمر المحتمل إلى مستثمر فعلي. كذلك تتأثر التجارة الخارجية بالتصنيف الائتماني من خلال قيام العديد من المصدرين بدول العالم، باتخاذ قرارات التعامل الدولي بناء على التصنيف الائتماني الممنوح لدولة المستورد، وتصنيف الجهة التي تقوم بالاستيراد. وكانت التعاملات ما بين الشركات المصرية المستوردة وجهات التوريد الدولية لها، تقوم على استلام البضائع ثم سداد القيمة بعد بضعة أشهر. لكنه مع خفض التصنيف الائتماني لمصر في مارس الماضي. اشترطت الشركات العالمية الموردة السداد الكامل لقيمة البضائع قبل التوريد لها. ومن الأمور المهمة في مجال الاقتراض والاستثمار والتجارة أن التصنيف الائتماني لدولة ما يمثل سقفا أعلى، لا يمكن تجاوزه بالنسبة للتصنيف الائتماني الذي يمكن أن تحصل عليه المصارف والمؤسسات والشركات العاملة داخل تلك الدولة وهو ما يؤثر على تكلفة التمويل اللازم لاحتياجات تلك الكيانات الاقتصادية. فإذا كان هناك شركة بالغة الجودة الائتمانية تعمل باليمن مثلا. فإنه رغم كفاءتها الفائقة لن تحصل على تصنيف ائتماني أعلى مما حصلت عليه دولة اليمن. وبالتالي فإن تلك الشركة عندما تقترض من الأسواق الدولية سوف تقترض بفائدة مرتفعة رغم جدارتها الائتمانية. وأهم وكالات التصنيف العالمية: ستاندر أند بور ووكالة موديز ومجموعة فيتش وتعد الثلاثة المحتكرة غالب نشاط التقييم دوليا. إلى جانب وكالة كابيتال انتيليجانس ومؤسسات تصدر تقييماتها للمخاطر القطرية بدول العالم، مثل مجلة اليورمني ومؤشر الكوفاس. ولكل مؤسسة تقييم طريقتها في التقييم ووضع العلامات التي تشير إلى درجة التقييم. لكنها عادة ما تبدأ بما يسمى " تريبل أيه " أي AAA، والتي تعد أعلى درجات التقييم وتمثل الكفاءة العالية وقد حصلت عليها الدول الصناعية الكبرى. ثم يقل التقييم إلى AA ثم A. وهكذا تنخفض درجة التقييم خطوة خطوة لتعني انخفاض الجودة وارتفاع المخاطر. لتصل إلى BBB لتعبر عن مقدرة أقل على الدفع، ثم BB لتعني احتمال سداد الدين، ثم B لتعني المخاطر العالية ثم CCC لتشير إلى الاحتمال الكبير لعدم السداد، ثم CC لأعلى درجات المخاطر، ثم C لتعني قمة المخاطرة ثم D لتشير إلى التعثر في السداد وهي أدنى الدرجات. وتقوم بعض الوكالات مثل موديز باستخدام أرقام مع الحروف الدالة على درجة التصنيف. كما تقوم وكالات أخرى مثل ستاندر أند بور وفيتش باستخدام علامتي (+ وـ) زائد وناقص مع الحروف الدالة على درجة التصنيف. ويشير تفسير درجات التقييم إلى درجة استثمارية تنخفض خلالها المخاطر. أو درجة مضاربة ترتفع بها المخاطر. ومن هنا كانت الضجة الدولية والتراجع بالبورصات والصعود القياسي للذهب وتراجع أسعار الدولار والبترول، مع خفض مؤسسة استاندر أند بور للتصنيف الائتماني للولايات المتحدة، درجة واحدة بسبب مخاوف بشأن العجز بالموازنة وارتفاع أعباء الديون. حيث يتسبب ذلك الخفض للتصنيف في زيادة تكلفة الاقتراض بالنسبة لأمريكا وهى أكبر مقترض بالعالم. الأمر الذي ينعكس على زيادة تكلفة الاقتراض للمصارف والشركات والمستهلكين. سواء في أمريكا أو بدول أخرى.