13 نوفمبر 2025

تسجيل

عبدالعزيز ناصر.. النابغة ونادرة زمانه

24 يوليو 2020

تمر الذكرى الرابعة لرحيل الموسيقار المبدع عبدالعزيز ناصر آل عبيدان (1952 - 2016) بعد أن أعطى الكثير لوطنه وعشاق ألحانه التي امتدت على مدى عقود طويلة تميزت بالفن الأصيل والنغم الجميل والكلمة المعبرة بطريقة فنية فريدة من نوعها على مستوى العالم العربي. وفي ذكراه الرابعة يمثل أمامنا اليوم عبدالعزيز ناصر وقد خلد في الذاكرة الموسيقية القطرية سجلا حافلا من الإبداعات التي سنظل نفخر بها مدى الدهر.. ومن عاش ليخدم رسالته ووطنه لن ينساه كل من عاصره واستمع لأعذب مقطوعاته الموسيقية التي حولت ألحانه إلى أحاسيس تلامس مشاعرنا بكل صدق حيث عبرت عن حالته الإبداعية بشكل أبهر كل من استمع إليها. إنسانيته التي عرفناها عاش عبدالعزيز في مشوار حياته إنساناً بسيطاً يحب الخير للجميع.. لم يحقد أو يتكبر على أحد ولم يسع لجمع ثروة بل سعى لجمعها من خلال من عاش حوله وأعجبته إبداعاته الموسيقية التي تعد – في حقيقة الأمر – هي الثروة التي كان يبحث عنها طوال عمره.. لأنه كان مقتنعاً بان إيصال رسالة الفنان المبدع هي الهدف الأسمى لصاحب هذه الرسالة على الدوام.. وبقدر ما كان الموسيقار عبدالعزيز فناناً في ألحانه الراقية بقدر ما كان إنساناً يتعامل مع محيطه برفق وحنان ومحبة ملهمة في كسب كل من اقترب منه أو شاركه همومه الحياتية. صالونه الثقافي كانت جلسته الأسبوعية بمثابة الصالون الثقافي الذي نتبادل فيه الأفكار الجميلة والآراء الصريحة التي لا تعرف المجاملات أبداً بل تقدم رؤية شفافة للواقع المعاش ثقافياً وسياسياً واجتماعياً.. وكان عبدالعزيز غيوراً على أمته ومدافعاً عنها حتى النخاع، وبخاصة دفاعه المستميت عن قضيتنا الأولى وهي القضية الفلسطينية التي تأثر بها كثيراً وسعى من خلال ألحانه الإبداعية إلى ترجمة ذلك لحناً فأخرج لنا "أحبك يا قدس لا تسأليني" و"يا قدس يا مدينتي" وغيرهما من الأعمال الخالدة في حب القدس وأرض فلسطين المغتصبة. إبداعاته التراثية والوطنية وقد عبر في أعماله الرائعة عن قضايا الإنسان وسطر أجمل الألحان فيها.. وكانت الأغاني التراثية القديمة في المجتمع القطري من أجمل أعماله الجميلة، وهي التي كانت السبب في شهرته والتعرف على إبداعاته لدى عامة الناس.. حيث قدم لنا "النافلة " و"القرنقعوه" و"حنا جيناكم" و"باكر العيد" و"أم الحنايا" و"يا راعي الملعب" وغيرها كثير. وكانت الألحان الوطنية شاهدة على عصره أيضاً.. فقدم لنا النشيد الوطني الرائع الذي قدم بالكلمة واللحن لأول مرة في تاريخ قطر في تسعينيات القرن الماضي بعد أن كان يقدم في السابق لحناً فقط دون أي كلمات.. وبالطبع ساهم الشاعر المبدع الشيخ مبارك بن سيف آل ثاني في وضع كلماته الحماسية. ترجمة الإحساس لحناً أما في مجال الألحان العاطفية والقومية فكانت أيضا تتميز بدوره الراقي وانتقائه للكلمات المعبرة عن الحدث عبر اختياره لأجمل الأشعار الشعبية والفصيحة معاً لنخبة من شعراء قطر خاصة والعرب عامة.. وعلى رأسهم شاعر قطر الشعبي المبدع "مرزوق بشير".. أما شعراء الفصحى الكبار فلحن لـ "نزار قباني وهارون هاشم رشيد وحسن نعمة".. وغيرهم. يا قدس يا حبيبتي تقول كلمات قصيدة "يا قدس يا حبيبتي" لنزار قباني والتي صاغها عبدالعزيز ناصر لحناً، وغنتها المجموعة وكذلك الفنانة لطيفة التونسية: يا قدس.. يا حبيبتي يا قدس.. يا مدينتي غداً.. غداً.. سيزهر الليمون وتفرح السنابل الخضراء والزيتون وتضحك العيون.. وترجع الحمائم المهاجرة.. إلى السقوف الطاهرة ويرجع الأطفال يلعبون ويلتقي الآباء والبنون على رباك الزاهرة.. يا بلدي.. يا بلد السلام والزيتون كلمة أخيرة: ما زلت أطالب بتكريم هذا الإنسان المبدع التكريم المستحق الذي يمنحه حق التميز عن غيره.. فعبدالعزيز ناصر ساهم في وضع اللبنات الأولى لمنهج صحيح تسير عليه الأغنية القطرية لمنافسة دول الخليج المجاورة، وقد نجح بالفعل في جعلها تتبوأ أعلى المراتب منذ ستينيات القرن الماضي عندما أسس مع مجموعة من رفقاء دربه فرقة الأضواء الموسيقية والمسرحية عام 1966 م التي بناها وهو في ريعان شبابه وعمره لم يتجاوز سن الرابعة عشرة رحمه الله رحمة واسعة. [email protected]