08 نوفمبر 2025
تسجيلمر علينا اليوم العالمي للغة العربية الأسبوع الماضي مرور الكرام، ولم يلتفت إليه أحد، قد تكون هناك أسباب منطقية لإهمال تسليط الضوء على هذا اليوم العالمي، نظراً للظروف الصحية التي تمر بها بلادنا والعالم من حولنا، وقد يكون الاحتفال باليوم الوطني والتركيز عليه طغى على هذه المناسبة التي كنا نحتفل بها سنوياً، أخشى ان يمتد هذا الإهمال الى عدم الاهتمام بلغتنا الجميلة. وقيادتنا لم تدخر جهداً في حماية لغتنا الجميلة من التغول اللغوي الذي يحدث لكثير من اللغات الأخرى، وكيف يكون ذلك والله سبحانه وتعالى قد أنزل بها القرآن العظيم وأوكل حمايته الى نفسه؟ (ِإنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) 9 سورة الحجر، وانطلاقاً من دور الدولة في هذه الحماية أصدرت الدولة القانون رقم (7) لسنة 2019 بشأن حماية اللغة العربية، باعتماد العربية الفصحى لغة للتعليم في المدارس والجامعات التابعة للدولة، إلى جانب توقيع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، مع ضرورة إرفاق ترجمة باللغة العربية في الحالات التي تتطلب استعمال لغة أجنبية أخرى، وفرض القانون غرامات مالية على المخالفين تصل الى 50 ألف ريال قطري على كل من يخالف أحكام هذا القانون، كما نصت المادة 15 منه على أن "تلتزم جميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية بحماية ودعم اللغة العربية في كافة الأنشطة والفعاليات التي تقوم بها" كما أن القانون يؤكد أن "اللغة العربية هي لغة المحادثات والمفاوضات والمذكرات والمراسلات التي تتم مع الحكومات الأخرى والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية والمؤتمرات الرسمية، مع إرفاق النص باللغة الأخرى لتلك الجهات، وتُعتمد اللغة العربية في كتابة المعاهدات والاتفاقيات والعقود التي تعقد بين الدولة والدول الأخرى، والهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية، ويجوز اعتماد لغة أخرى، على أن ترفق بها ترجمة إلى اللغة العربية". دور مؤسسات الدولة في تفعيل القانون رغم أن المادة (14) من قانون حماية اللغة العربية نصت على أن "يصدر مجلس الوزراء القرارات اللازمة لتنفيذ أحكام هذا القانون"، إلا أننا لا نلحظ او نلمس أي دور فعّال من قبل أجهزة الدولة في تفعيل مواد هذا القانون، الذي يعتبر طفرة وإنجازا يحسب لدولتنا الحبيبة في حماية لغتنا الجميلة التي نعتز بها أمام العالم، وهي تعتبر من أغنى اللغات بالكلمات والتعبيرات الجميلة، ورغم صدور القانون في يناير من العام الماضي ومرور قرابة العامين، لكننا لا نرى او نقرأ أي قرار صدر من أي وزارة او مؤسسة عامة بالدولة او صدور لائحة تنفيذية لتفعيل هذا القانون، رغم سريان المواد الواردة فيه، وحال لغتنا العربية التي بسببها صدر هذا القانون في ازدياد متواصل وعدم مواكبة طريقة تعليمها غير الفاعلة لابنائنا في المدارس، وأسلوب نشر ثقافة الاهتمام باللغة وعلومها بين طلاب الجامعات والمعاهد العليا رغم وجود متخصصين على أعلى المستويات بدولتنا الحبيبة في المجال اللغوي، والكل يلاحظ تدني وضعف مستوى الشباب من جيل الالفية الثانية في الكتابة، ويظهر ذلك جليا في الأخطاء الاملائية والتعبيرية التي تملأ صفحات التواصل الاجتماعي، ويخجل منها الأجيال السابقة التي تعلمت فن كتابة اللغة على أصولها الصحيحة. يعتبر اهتمام المؤسسات التعليمية بالدولة، وحرصها على حفظ الأبناء أجزاء من القرآن الكريم، يعتبر هو خط الحماية الأول للغة العربية، والحفاظ على النطق والكتابة الصحيحة، خاصة أن القرآن يحتوي على آلاف الكلمات التي تجعل لغتنا الجميلة من أغنى اللغات في العالم، والملاحظ عدم اهتمام العديد من المدارس بتحفيظ القرآن الكريم، مما ساهم في فقدان الطالب اهم مقومات تعليم اللغة الصحيحة، والفرق واضح في مستوى التعليم اللغوي بين حفظة القرآن وغيرهم، بالإضافة الى الفوائد الأخرى التي يجنيها حفظة القرآن في تعزيز قوة اللغة العربية والمنطق والتمكن من الخطابة، مما يساهم كذلك في خلق الفرح والسعادة الغامرة التي لا توصف، ويعمل على التخلص من الخوف والحزن والقلق ومختلف المشاعر السلبية، كما يمكنهم من القدرة على بناء علاقات اجتماعية أفضل وكسب ثقة الناس، والأجر والثواب الذي يلقاه الحافظ يوم الحساب. دور أولياء الأمور في الحفاظ على اللغة لا أحد يجهل التراجع الذي تشهده الآن اللغة العربية، ويشهده استخدام اللغة العربية في عالمنا العربي، العولمة فرضت السوق وفرضت ثقافة القوي، وبالتالي انتشرت اللغة الأجنبية في المجتمعات العربية، فاللغة العربية بالنسبة لنا هي لسان وتاريخ ووجدان، لذلك يجب أن تغرس الأسرة هذا المفهوم في نفوس الأبناء، خاصة الأطفال وعدم تكريس اللغات الأجنبية الأخرى على حساب اللغة العربية، والحرص على تعلم الأبناء لغتهم الأم، والاهتمام بحفظ القرآن الكريم بقدر ما يستطيع، ليتشرب أسلوب اللغة العربية في أعلى درجاتها. كسرة أخيرة يجب أن تحرص المدارس الحكومية على طرح مفهوم أن التعليم الأجنبي بين الأسر العربية يرضي متطلبات السوق فقط، وليس من أساسيات الحياة، وعلى القائمين بالتعليم العمل على خلق جيل واع ومثقف وتربوي وبانٍ للحضارة، بغض النظر عن ملاءمته لهذه السوق، لأن هذه السوق مفتعلة اقتصادياً من قبل الغرب، وأنها فُتحت لترضي حاجات الغرب وسياساته وهيمنته، ونحن سرنا في هذا التيار دون وعي بأننا نخدم الغرب لا نخدم أنفسنا، وعلى أولياء الأمور غرس المفاهيم التاريخية والوجدانية بتمسكنا بلغتنا الجميلة حماية لها من التغول والاندثار. الكاتبة الصحفية والخبيرة التربوية [email protected]