06 نوفمبر 2025

تسجيل

الإدارة بالقيم..مسؤولية مؤسسية

23 سبتمبر 2012

ما إن يتم نشر هذا المقال بإذن الله، إلا وأجد نفسي أستعد للسفر ولأول مرة لسلطنة عمان الشقيقة، للمشاركة في مؤتمر ومعرض التنمية البشرية، بتنظيم من وزارة الخدمة المدنية العمانية. وقد تم تكليفي لإعداد وتقديم ورقة عمل بعنوان " التدريب التكويني المرتكز على القيم". ورغم أنني أنتظرت سنوات طويلة لكي يتيح لي الله سبحانه وتعالى الفرصة لزيارة هذا البلد الشقيق، الذي أتابع برامج التنمية البشرية فيه باهتمام، إلا أن تكليفي بموضوع ورقة العمل كان محط اهتمام عندي وأولوية، خاصة أن الإدارة بالقيم من الموضوعات العصرية والمهنية التي لها بعد تأصيلي في شريعتنا الإسلامية الغراء. يقول الدكتور الصديق محمد أكرم العدلوني في مقال له بمجلة الإبداع "ومنذ أن بدأ الاهتمام بالإدارة كأحد العلوم التي تساهم في بناء الحضارات وتنظيم المجتمعات، عرف الفكر الإداري عشرات النظريات منها: النظرية البيروقراطية، ونظرية الإدارة العلمية، ونظرية الإدارة بالأهداف، ونظرية الإدارة بالمواقف، ونظرية الإدارة بالنظم، وكذلك نظرية الإدارة بالقيم أو المبادئ، وما شابه ذلك من نظريات. إلا أن علماء الإدارة، والمشتغلين في مجال التفكير والكتابة، حول إعادة تشكيل القيادة والإدارة، وحول بناء المؤسسات وإعادة " هندستها "، وحول الارتقاء بمستوى الأداء والتحسين المستمر للفاعلية والكفاءة وصولاً إلى الجودة الشاملة، بدؤوا يدركون ضرورة العودة إلى الأصول، والعودة إلى المبادئ Principles، والعودة إلى القيم " Shared Values " ". وهناك من ألّف كتباً حول " القيم والمبادئ " ودورها في مجال الإدارة الحديثة، من أبرزهم العالم " ستيفن كوفي " في كتابه الشهير " القيادة بالمبادئ، أو القيادة المرتكزة على المبادئ " "Centered - Prineiple Leaderhip " حيث يرى " كوفي " أن عملية تفعيل التزام الإدارة والقيادة بالقيم والمبادئ، في قيادتها وإدارتها للآخرين مرّت بخمس مراحل آخرها مرحلة الإدارة بالمبادئ أو القيم. - وتقوم " الإدارة بالقيم " على وجود ميثاق يحترم حقوق الموظفين، ويعتبر هذه الحقوق جزءاً من كينونة المؤسسة وليست مجرد حبر على ورق، ويتضمن هذا الميثاق ما يلي: حق الموظفين أن يقرروا بأنفسهم أفضل الطرق لإنجاز أهدافهم، ويعاملون على أنهم روح المؤسسة وقلبها النابض، لا مجرد قطع غيار قابلة للاستبدال، وأن تعتبرهم أفراداً متميزين، وأن يؤدوا أعمالاً تشعرهم بالتحدي لتوسيع نطاق قدراتهم، وأن يعرفوا أن أصحاب العمل والمديرين يثقون فيهم وبقدراتهم، وأن يعاملوا معاملة عادلة، وأن يحصلوا على تقدير الإدارة للجهود الإضافية التي يبذلونها، وأن يتمتعوا بحرية التعبير عن أفكارهم وآرائهم وأمانيهم، وأن يحصلوا على معلومات دقيقة عن كل أنشطة المؤسسة، وأن يتصلوا بالإدارة كلما أرادوا. ويدور الزمن دورته ويعيد التاريخ نفسه، وفي اختيار الزمن يتضح - لكل ذي لب- أن المناهج البشرية مهما حاولت، لا تصلح لقيادة ركب الحضارة، وأن منهج الله هو الأصلح والأسمى. ويؤكد العدلوني أن القيم المؤسسية هي قيم عالمية مشتركة فيقول" ولقد تبين لي خلال بحثي ودراستي للعديد من المؤلفات والكتب والدراسات والنشرات، أن القوم في الغرب تسوقهم فطرتهم، والمنطق السليم، والتجربة الإنسانية، على التأكيد بأن الإنسان من دون " قيم ومبادئ "، إنسان خارج إطار الحضارة بمفهومها الشامل، وإن كان في إطارها بمفهومها المادي، وما ينطبق على الإنسان ينطبق على المؤسسة، وما ينطبق على المؤسسة ينطبق على المجتمع والدولة. - ولهذا فقد ذهب بعضهم إلى القول بأن الأخلاق هي الجانب الروحي والمعنوي في حياتنا، وأن أخلاقيـات المؤسسة تحدد مواصفاتها وصحتها ونجاحها، بالقيم والمعتقدات، وهي ضرورية للنجاح، فالقيم تقود المؤسسة للنجاح أو تقودها للفشل، ولهذا يقول " تشارلز جارفيلد: إذا كان الآباء مسؤولين عن قيم أبنائهم، فإن المديرين مسؤولون عن قيم مرؤوسيهم، فالقيم تصون أو تهدد، تحمي أو تبدد".