17 نوفمبر 2025

تسجيل

أولئك الغرقى

23 يناير 2012

الذين يشيعون الإشاعات في المجتمع ويستخدمون الأجهزة والتقنية الحديثة المطورة في نشرها ويتم ترديدها ويتداولها الآخرون بعد ذلك فيما بينهم عن طريق البلاك بيري Blackberry وتويتر Twitter والفيسبوك Facebook، هذه همهم ومطيتهم وديدنهم وهذا ليلهم ونهارهم وشغلهم الشاغل في الحياة، فأصبحت هذه الأجهزة لا تنام أبداً إلاّ إذا هم ناموا وتبقى أجسادهم نائمة وتبقى أحاسيسهم وقلوبهم مع هذه الأجهزة مرتبطة، فالحقيقة علقم بأننا أصبحنا نسيء كل الإساءة لهذه التقنية المطورة في نشر الإشاعات ونحن لا نعمم ولكن هذا هو الواقع وفي مواقع العمل. فالعاقل الحصيف الرصين الرزين ذو المنطق القويم من مسلكه التدقيق والتأكد والاستبانة والتثبت والتحقق قبل كل شيء. وصفها أحد الخطباء بأنها "ألغام معنوية ورصاصات تقتل، وقنابل مدمرة للمجتمع والبلد" ووصف مطلق الإشاعة بأنه " لئيم الطبع، دنيء الهمة، مريض النفس، منحرف التفكير، عديم المروءة، ترسب الحقد والغل في أحشائه...". وكل ما في الإشاعة وما يحمله ناقلوها ومطلقوها مخالف للشرع الحكيم وللأخلاق والقيم وللفطر السليمة وقيم وسلوكيات المجتمع، فقد أحصى أحد المحللين للشأن الجزائري أنه (خلال عام 2006 ما لا يقل عن 120 إشاعة تداولها الرأي العام بأشكال مثيرة للجدل...)، فهل لدينا إحصائية عن عدد الإشاعات التي تُطلق في المجتمع بين فترة وفترة هذا إذا لم تكن يومياً، لنعرف هل هي مرض أم مشكلة أم ظاهرة أو غير ذلك، وكيفية القضاء عليها أو التقليل والحد منها ومن خطرها وأضرارها. يقول الإمام مالك رحمه الله "اعلم أنه فساد عظيم أن يتكلم الإنسان بكل ما سمع". فعلى الإنسان أن يسعى إلى ما يُصلح نفسه ويؤدبها ويهذبها ويقودها إلى مواطن الخير والبناء الجاد، والتركيز والاهتمام فيما يُصلح مؤسسته ودائرة عمله وملء فراغه بالنافع المفيد، يُجنبه ويُجنب مؤسسته الكثير من العقبات والمشكلات والفوضى، فـ "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه". وأجمل وأحسن ما نقوم به مع أولئك الغرقى أن نتوقف وأن نصمت وألا نُعيرهم أي اهتمام، وألا نلتفت إليهم ونتجاهلهم فهو الطريق الأسرع والأنجح للقضاء على الإشاعات ومروجيها. والمجتمع بكافة شرائحه ومؤسساته ومراكزه مطالب بالقضاء على هذه القيمة السلبية المخدرة وبترها، وانتشال هؤلاء الغرقى من هذا الوحل والمستنقع لعل في إنقاذهم رحمة لهم وتخليصهم مما هم فيه ونجاة وستراً لهم، قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً)، وقال تعالى (ولا تقفُ ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولاً). فهلا توقف هؤلاء الغرقى عن هذا، فهم على خطر وهلاك عظيم!! ونقول لهم كذلك كفى.. ومضة: "كفى بالمرء كذباً أن يُحدّث بكل ما سمع"..