07 نوفمبر 2025
تسجيليحكى أن رجلاً وجد أعرابياً عند الماء فلاحظ الرجل أن البعير منهك من الأكياس التي يحملها على ظهره، فسأل الأعرابي عن محتواها، فقال الأعرابي: كيس يحتوي على المؤونة، والكيس المقابل يحوي تراباً ليستقيم الوزن في الجهتين. فقال الرجل: لِمَ لا تستغني عن كيس التراب، وتقسم كيس المؤونة لنصفين، كل نصف في جهة، فتكون قد خففت الحمل على البعير؟ فأعجب الأعرابي بمشورة الرجل، فسأل الرجل: هل أنت شيخ قبيلة أم شيخ دين أم عالم؟ فأجاب الرجل: لا هذا ولا ذاك، بل رجل من عامة الناس. فقال الأعرابي: قبّحك الله لا هذا ولا ذاك ثم تشير علي؟ الكثير من الناس يحكمون على الأفكار من خلال قائلها، فلو كان القائل من الذين يتقبلونهم، كأن يكون من نفس الجنسية، أو الدين، أو الملة، لكانت المقولة مقبولة، ولو كان القائل من غير ذلك، فلن يتقبلوا الكلام، حتى لو كان صحيحاً ومنطقياً وفيه فائدة. بل ويجب أن يكون القائل حاصلاً على درجة أكاديمية عليا، أو شخصاً مشهوراً، بينما يرفضون غير ذلك. ولا أتحدث هنا عن الكلام في تخصص معين، بل وحتى لو كانت مشورة، أو نصيحة صادقة ومعبرة. عندما كان أحمد بن حنبل في سجنه، وكان يُعذب، جاء إليه لص وقال له: إنهم يعذبونني لأعترف بما سرقته ولكنني لم أعترف أبدًا، كنت أتحمل الضرب بالرغم من أنني على الباطل. فإياك يا شيخنا أن تضعف وأنت على الحق. فكان أحمد بن حنبل كلما ضعف وخارت قواه، تذكر كلام هذا اللص، وتحمل التعذيب. لا يجب أن نقدس الأشخاص، فالأشخاص قد يخطئون وقد يصيبون. ولكن علينا أن نفتح عقولنا للأفكار، فهي قد تأتي حتى من شخص لا نتقبله.