07 نوفمبر 2025
تسجيلاليمن فقد صفة السعيد ويبدو أنه لن يستعيدها قريبا، فالثورة التي أنهت حكم الرئيس علي صالح انحرفت عن مسار الاستقرار والمفقودات الوطنية كغيرها من ثورات ما يعرف بالربيع العربي التي أصبحت جحيما على شعوبها، وأوصلت بلدانها إلى أنفاق مظلمة لا يظهر معها في الأفق ما يدعو إلى التفاؤل بنتائجها المرجوة في القريب العاجل.الحالة اليمنية معقدة ومرتبكة وليست بالسهولة التي تبدو عليها، فرغم أن تنحي صالح تم بموجب اتفاقية تنازل عن السلطة، إلا أن الأحوال عقب ذلك تراجعت بصورة كارثية، وبدلا من أن يتوافق اليمنيون على مزيد من التراضي وتقديم الكثير من التنازلات للوصول إلى حالة سياسية تستوعب المكونات والأطياف التي شاركت في الثورة، نجد أن كل ذلك انهار حتى وصلنا للحظة التي وصل فيها جماعة الحوثي إلى صنعاء وبقية المدن والمحافظات لتأسيس أمر واقع يفرض على اليمنيين نوعا من الاستبداد تمليه لغة القوة.من الأشياء الإيجابية في اليمن أنه رغم الانتشار الكثيف للسلاح لكن ذلك لم يكن خصما على أمنهم واستقرارهم، لأنه لو تعامل كل يمني مع حقوقه السياسية بمنطق القوة والسلاح لتحول الأمر إلى حرب أهلية طاحنة لا تبقى معها اليمن أو كثير من اليمنيين، ورغم ذلك قفز الحوثيون بقوتهم العسكرية على المشهد السياسي في وقت تمت فيه معالجة الارتباك السياسي باتفاقية السلم والشراكة التي يفترض أن يكونوا جزءا منها وأن يعملوا مع القوى السياسية الأخرى من أجل تثبيتها وتحقيقها في الواقع وصولا إلى انتخابات برلمانية ورئاسية تستعيد فيها الدولة استقرارها، ولكنهم اغتروا بقوتهم وقلبوا الطاولة على كل شيء.الحوثيون يسيطرون منذ سبتمبر الماضي بقوة السلاح على العاصمة صنعاء، رغم توقيعهم اتفاق السلم والشراكة والملحق الأمني الخاص بالاتفاق الذي يقضي في أهم بنوده بسحب مسلحيها من العاصمة اليمنية، إلا أنهم يواصلون تحركاتهم الميدانية نحو عدد من المحافظات والمدن اليمنية الأخرى، وبدأوا يدخلون في دوامة من الصدامات والصراعات مع مجموعات ترفضهم وغير متصالحة مع نهجهم السياسي، وبدأت سيول الدم تتدفق مع مصرع المقاتلين، وذلك وضع طبيعي لطرف يؤمن بأن قوته العسكرية كفيلة بحسم دوره وفرض إرادته وفق رؤاه، وذلك بالتأكيد منهج غير حكيم ولا علاقة له بالسياسة والمساهمة الإيجابية في استقرار الوطن.