17 نوفمبر 2025
تسجيلفي تاريخ الأمم وبعد التردد والتفكير تحين ساعة الاختيار حيث لم يبق أمام الإنسان سوى أن يحدد موقفه ويتحمل أوزار ذلك الموقف دون أن يقرأ حسابات الربح والخسارة، لأن الانسان موقف وهذا ما ميزه به خالقه عن بقية الكائنات حين قال عز من قائل: (إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة. البقرة 30) فخليفة الله في الأرض مطالب بالترفع عن غثاء السيل والتحلي بالكبرياء كبرياء التمسك بالحق ورفض التذيل للباطل وهو جوهر الإسلام ومعنى الإنسانية. اليوم ونحن في أبريل 2019 نجد أنفسنا نحن العرب والمسلمين أمام التحدي الأخطر ولست أنا من أدعي هذه الحقيقة فانظر حولك أيها القارئ العزيز تدرك دون عناء أن حروبا طاحنة تعصف بسوريا وليبيا واليمن وأن جماهير غفيرة صامدة في الميادين بالملايين في السودان والجزائر ترفض تكرير عملية سرقة الثورات والثروات ثم أدر البصر قليلا نحو المجتمعات التونسية والمصرية والعراقية والأردنية تجدها حبلى بإرادة التغيير ثم افتح القنوات الإخبارية لتشهد على المباشر قتل الشباب الفلسطيني وتجويع غزة وغضب كل جمعة والإقدام على الشهادة بالموازاة مع بلع فلسطين كاملة لتصبح وطنا لليهود فقط بإلغاء الوجود الفلسطيني العربي من مسلمين و مسيحيين فيما يسمى صفقة القرن أي التصفية النهائية لقضية فلسطين بتحييد دول عربية اصطفت وراء صفقة القرن ولم يبق في جبهة التصدي لها سوى بعض الدول وكل الجماهير مهما تعرضت للتلاعب بعقولها وتحويل وجهاتها بإعلام مباع رخيص قبل أصحابه أن يدخلوا بيت الطاعة وأن يعرضوا كالعبيد في أسواق النخاسة الجديدة ! قرأت هذا الأسبوع أخر كتاب سياسي صدر في الولايات المتحدة للصحفية الاستقصائية المعروفة (فيكي وورد) بعنوان (كوشنير إنك) وهو يحلل بقلم خبيرة أمريكية أهم الأدوار المسندة الى صهر الرئيس ترامب الشاب الطموح وزوجته افنكا، ويفكك الكتاب بالحجج القوية آليات الحراك الأمريكي الإسرائيلي المزدوج الراهن من أجل تمرير صفقة القرن والتي أعلن محمود عباس في القمة العربية بتونس رفض الفلسطينيين لها وبالطبع رفض حماس وقطاع غزة. وجاء في الكتاب لعلمكم (والمعلومات منقولة من مقال للزميلة ابتسام أل سعد) أنه في الخامس من يونيو 2017 حين فوجئت قطر بإعلان الحصار البري والبحري والجوي عليها من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر كانت جيوش سعودية وإماراتية محتشدة على حدود قطر تنتظر من سيدها ترامب الإذن بغزو دولة قطر عسكريا وهو نفس ما أكده سمو أمير الكويت من بعد إذن كانت المؤامرة جاهزة وأخطر مما منا نتوقع ويبدو أن (تيلرسن أحبطها). واليوم ندرك من خلال كتاب (كوشنير إنك) أنها كانت ستنفذ بأيدي وسلاح دول خليجية شقيقة لم تشك فيها قطر وأن سببها الحقيقي هو عدم إنخراط قطر في صفقة القرن ونتذكر اليوم أن تسريبات من بعض الصحف الأمريكية الكبرى قالت في يونيو 2017 بأن الزيارة التي أداها كوشنير الى الدوحة كانت للترويج لصفقة القرن وأن صاحب السمو أمير قطر قال لصهر الرئيس بكل أدب ووضوح بأن قطر لا تقبل أي حل للقضية الفلسطينية ما لم يقبله الفلسطينيون لأنهم أصحاب الأرض والحق حسب قرارات الأمم المتحدة والشرعية الدولية وأن قطر مثل بقية دول العالم شرقه وغربه متمسكة بحل الدولتين واحترام القانون الدولي والمعاهدات الموقعة بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ مدريد وأوسلو وكامب ديفيد. وتتحدث الكاتبة (فيكي وورد) عن نجاح بعض اللوبيات الأمريكية و الإسرائيلية في استقطاب أنظمة السعودية والإمارات والبحرين ومصر بإعلان حماس منظمة إرهابية بينما لم تغادر حماس أرض غزة وهي تقاوم إحتلالا مدانا من منظمة الأمم المتحدة منذ 1967 بما فيه الإستيلاء على القدس بالقوة وضم الجولان السوري نهائيا الى إسرائيل ! أستخلص اليوم بأن حصار قطر وتهديد مصالحها جاء بسبب تمسكها بالحق ونصرة المظلوم وإعادة إعمار غزة. وأنا أشفق على بعض السياسيين والإعلاميين التوانسة الذين يزورون خلية دحلان في باريس ليقبضوا ثمن العمالة و التذيل فتراهم يتسابقون الى الفضائيات لسب قطر وتركيا بينما ليبيا على حدودهم مهددة بأخطر دكتاتورية عسكرية ممولة من أسيادهم وتونس مهددة بعودة الإستبداد في شكل ملطف مهذب مؤنث جديد متحالف مع محور الشر ومع اليمين الغربي العنصري !