06 نوفمبر 2025
تسجيلالمرأة متهمة دائما ودون سبب، وقلما ترى امرأة بارزة في العمل الاجتماعي أو الثقافي إلا وتلاحقها الأقاويل والشكوك والتهم الباطلة التي قد تصل إلى حد استباحة الأعراض والعياذ بالله، مما يتنافى مع تعاليم الدين، وما يدعو له من القيم الاجتماعية النبيلة، وسمو النفس ونبل الأخلاق، والأسوأ هو التعميم في الاحكام عندما تفرض الظروف العملية أو الاجتماعية أو الثقافية وجود المرأة إلى جانب أخيها الرجل، وفي أجواء مكشوفة لا مجال فيها للتشكيك، أو مظنة السوء، أو اللغط المشوب بالاتهامات المبطنة التي ترمي بصاحبها باتجاه الباطل، فليس من الحق في شيء أن تتهم المرأة بسبب ودون سبب في سمعتها التي هي أغلى ما يمكن أن تملكه في مجتمع رجولي لا يرحم، وكأن استباحة أعراض الناس قد أصبح هواية لدى من يفترض فيهم حماية المجتمع، من كل ما يشوب سمعته أو يعطل مساراته التنموية، أو يعرقل طموحات تحقيق التوازن المطلوب بين المرأة والرجل، وضمان واجبات وحقوق الطرفين بالمستوى المطلوب من العدل والمساواة مما ينسجم مع دور وطبيعة المرأة والرجل. وما يساق من تبريرات الحرص على المرأة لا أساس لها، فالمرأة هي الأكثر قدرة على تحديد أهدافها إذا تم تحصينها بالتربية السليمة والعلم النافع والإيمان العميق، ومنحت الثقة المنضبطة التي لا تعرف التسيّب ولا التشدد، وما ينطبق على الفتاة ينطبق أيضا على الفتى فيما يتعلّق بالتحصين التربوي والعلمي والديني، لكن الفتى يحظى بالثقة أكثر من الفتاة، مع أن المخالفات الشبابية ترتكب لدى الفتيان أكثر مما ترتكب لدى الفتيات، وربما بشكل أشد خطورة، نتيجة ما يتمتّع به الفتيان من مناخات للحرية هي في الحقيقه غير متوافرة للفتيات، ومع ذلك لا يخضع الفتى لما تخضع له الفتاة من التشدّد والعنف وانعدام الثقة والتشكيك، من قبل الأهل والمجتمع، وهذا ما يدفع الأخ الأصغر لأن يتحكّم في تصرفات أخته الأكبر منه سنا، لا لشيء إلا لأنه الجنس الأقوى اجتماعيا وإن كان الأضعف تربويا وثقافيا، مما يربك التوازن المطلوب في الحقوق والواجبات بين الطرفين، ويشوّه المسار التربوي بين الإخوة والأخوات في الأسرة الواحدة. والذين يتبنون موقفا متشددا من المرأة لا يختلفون مع أولئك الذين يتبنون موقفا متسيبا معها، فالنتيجة في النهاية واحدة، هي تلاشي الأرضية الصلبة التي يمكن أن تنطلق منها للاسهام في البناء التنموي، وحركة الإصلاح الاجتماعي التي لم تعد وقفا على طرف دون آخر بعد أن حقّقت المرأة هذا المستوى من الوعي نتيجة إنجازاتها العلمية والأدبية الملحوظة، مما يعني توظيف ذلك اقتصاديا لمصلحتها ولمصلحة الاقتصاد الوطني، وما لم تعامل المرأة كأخت للرجل في مجالات فرص العمل والمشاركة في البناء التنموي، وبما يتناسب مع طبيعتها وظروفها ومتطلباتها الاقتصادية، واحتياجاتها الأسرية، فستظل الفجوة قائمة بين حقوق وواجبات المرأة وواقعها المشحون بالشكوك المؤدية للتسلّط والقمع وازدراء المبادرات المبدعة لديها، ما ذلك سوى نتيجة لسلوكيات أسرية واجتماعية تأبى إلا أن تظل المرأة في الظل على الدوام. كثيرون هم أولئك الذين يغردون حول واجبات المرأة الأسرية والاجتماعية، وينسون حقوقها، مما يجعله تغريد أشبة بنعيق الغربان، لأنه يتجاهل إنسانيتها وحقها في الحياة الحرة الكريمة، والبعيدة عن كل منغصات النفس، ومعوقات العمل، وإحباطات الطموحات البناءة، وهي مواقف ناتجة عن الشكوك التي لا تستند إلى دليل، فمن يحمي أخت الرجال من غول التشكيك؟ لا شيء غير الأنظمة الصارمة التي تمنح المرأة من الحقوق بقدر ما عليها من الواجبات، شأنها في ذلك شأن أخيها الرجل، ليصبح الجميع سواسية أمام القوانين والتشريعات العامة، دون تجاهل الوعي العام في إعادة الأمور إلى نصابها فيما يتعلّق بحقوق المرأة. [email protected]