12 نوفمبر 2025
تسجيلكعربٍ خليجيينَ، لا نملكُ فائضاً من الوقتِ لنجاملَ القيادةَ السعوديةَ فنقولُ عنها ما ليس فيها من حصافةٍ سياسيةٍ، والتزامٍ إسلاميٍّ وعربيٍّ، في حينِ أنَّ سياساتها تقودُ المنطقةَ بتسارعٍ كبيرٍ إلى الهاويةِ، وتنذرُ بعودةِ خليجنا إلى عصورِ ما قبلَ الحضارةِ. فقد أحرقتِ المملكةُ معظمَ أوراقِ قوتها، وتحولتْ، خلالَ ستةِ أشهرٍ، إلى دولةٍ وظيفيةٍ تؤدي دوراً صغيراً هامشياً في خدمةِ مشروعٍ كبيرٍ يخدمُ الكيانَ الصهيونيَّ، وتلعبُ إمارةُ دحلانَ فيه دوراً ضخماً يدفعنا للقيامِ بقراءةٍ سياسيةٍ جديدةٍ نستشرفُ بها المستقبلَ في ظلِّ السياساتِ العدوانيةِ للسعوديةِ، وانقيادها لأبوظبي. 1) المسألةُ اللبنانيةُ: يدركُ المغامرون في ابوظبي وأتباعهم السعوديونَ أنهم لا يملكونَ من عواملِ القوةِ المستدامةِ ما تؤهلهم للاستئسادِ على دولٍ وشعوبٍ خارجَ مظلة مجلسِ التعاونِ الخليجيِّ، لكنهم يعتقدونَ، بغباءٍ استراتيجيٍّ منقطعِ النظيرِ، أنَّ بإمكانهم التلاعبَ بلبنانَ البعيدِ جغرافياً، والأرقى منهم حضارياً ومدنياً. فالسعوديةُ تعملُ على تفجيرِ الأوضاعِ فيه من خلال ممارستها للقرصنة السياسيةِ بإرغام سعد الحريري على الاستقالةِ من منصبِ رئيسِ الوزراءِ، لأنها تتوهمُ أنَّ اللبنانيينَ السنةَ أغبياءُ لدرجةِ تصديقهم لها بأنها تدعمهم، في حينِ أنَّ تاريخها معهم كانَ نفعياً يدعمُ قلةً منهم، دون أن تدعمهم في مجالاتِ التعليمِ والصحة والممارسةِ السياسيةِ كما تفعلُ إيرانُ مع حلفائها من اللبنانيينَ. وإذا كانت تخافُ على لبنانَ من حزبِ الله، فلتقم بدعمِ تعليم السنةِ في مدينةِ طرابلس على الأقلِّ. أما بشأنِ حزبِ الله، فإنَّ التحالفَ مع الكيانِ الصهيونيِّ ضده لن يؤدي إلا إلى تقويته وتوسيعِ القاعدةِ الشعبيةِ العربيةِ الداعمةِ له. وإذا كانت المملكة صادقةً في عدائها له، فلتدعم بالسلاحِ والمالِ الثورةَ السورية بدلاً من خوضِ صراعٍ معه بأدواتٍ صهيونيةٍ. إنَّ الرياضَ تريدُ التغطيةَ على بيعها لفلسطينَ بإثارةِ حروبٍ تحرقُ بلداناً عربيةً، وتدمر مستقبلَ شعوبها. 2) المسألةُ الإيرانيةُ: رغم أننا، العربَ الخليجيينَ، نختلفُ مع النظامِ الإيرانيِّ في سياساته في بعضِ بلادنا العربيةِ اختلافاً وصلَ أحياناً إلى العداءِ الشديدِ، لكننا لا ننظرُ إلى إيرانَ، دولةً وشعباً، كعدوٍّ وجوديٍّ لابد من زواله لنضمنَ البقاءَ لأنفسنا. بل نرى أنَّ إصلاحَ أحوالِ بلادنا، ونشرَ روحِ المواطنةِ من خلالِ العدالةِ الاجتماعيةِ والسياسيةِ، هما الركيزتانِ الرئيستانِ في حوارنا وتفاوضنا مع النظامِ لنصلَ معه إلى منطقةٍ وسطى في احترامِ سيادةِ الدولِ، وعدمِ التدخلِ في الشؤونِ الداخليةِ، وتنميةِ المصالحِ المتبادلةِ. أما العنترياتُ التي تتميزُ بها السياسةُ الإعلاميةُ الرسميةُ للسعوديةِ، فإننا نتمنى لو اتخذتْ شكلاً عملياً يقنعنا بها، كأنْ تجرؤَ المملكةُ وإمارةُ أبوظبي على القيامِ باستعراضٍ عسكريٍّ بحريٍّ بالقربِ من الجزرِ الإماراتيةِ الثلاثِ التي تحتلها إيرانُ، أو أنْ تقومَ المملكةُ بتنظيمِ مؤتمرٍ في الرياضِ للثورة الأحوازيةِ، تعلن فيه عن دعمها بالسلاحِ والمالِ والتغطيةِ السياسيةِ. إنْ حدثَ أحدُ هذينِ الأمرينِ، فستكونُ الدولُ العربيةُ وشعوبها مع السعوديةِ قلباً وقالباً، أما إذا أصرتِ قيادتها الشابةُ المرتهنُ قرارها لجماعة دحلانَ على التقاربِ مع الكيانِ الصهيونيِّ بحيثُ تخفقُ رايةُ التوحيدِ إلى جوار العلم الصهيونيِّ في الحربِ على إيرانَ، فإنَّ المملكةَ ستكونُ وحيدةً في تلك الحربِ، وستخسرُ الشعوبَ العربيةَ والإسلاميةَ، وتفقدُ ما بقي لها من مكانةٍ ضئيلةٍ في القلوبِ والنفوسِ. 3) المسألةُ القطريةُ: نحنُ نثقُ ثقةً مطلقةً بأنَّ سياساتِ صقرِ العربِ؛ سموِّ الأميرِ المفدى، ضمنتْ من وسائلِ الردعِ والمواجهةِ ما تجعلنا لا ننشغلُ بوجودِ تهديدٍ عسكريٍّ من (الأشقاءِ) الذين نعيشُ بخيرٍ ما دامتْ غيومُ جاهليتهم وتخلفهم بعيدةً عن سماءِ بلادنا، لكننا نعرفُ مدى انحطاطهم الأخلاقيِّ، وسفاهتهم السياسيةِ، لذلك نحرصُ على تقويةِ جبهتنا الداخليةِ، ونزدادُ قوةً في التفافنا حول القامةِ الشامخةِ لسموه، ولن ننجرَّ إلى حروبٍ صهيو إماراتيةِ الهدفِ والوسيلةِ، وسنحافظُ على التزاماتنا بالقوانينِ الدوليةِ في علاقاتنا بكلِّ الدولِ.