08 نوفمبر 2025
تسجيلفي خضم الرد العنيف الذي تشنه إسرائيل على حركة حماس منذ أسبوع، حملت الجولة الشرق أوسطية التي قام بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن رسائل موجهة لإيران تحذرها من مغبة فتح جبهة جديدة ستقلب الصراع إلى حرب إقليمية تكون فيها واشنطن مع حلفائها في المنطقة في صف واحد، لكن فيما يبدو أن طهران لا تكترث لهذه التحذيرات بعد أن ربطت استعدادها لفتح جبهة جديدة بالنظر إلى التطورات التي تحصل في غزة، ويأخذ تصريح وزير خارجية إيران على محمل الجد خاصة وأن التحركات في جنوب لبنان تنذر باحتمال انخراط حزب الله في المواجهة وهو أمر وان حدث فإن له تداعيات خطيرة على المنطقة برمتها. ولعل المحطة الأهم في جولات بلينكن كانت الدوحة باعتبارها الوسيط الذي تعول عليه الإدارة الأمريكية لإنهاء أزمة الرهائن الأمريكيين الذين وقعوا في أسر فصائل المقاومة خلال عملية اقتحامهم لمستوطنات غلاف غزة. كان لقطر دورها الفعال في العديد من الأزمات ونجحت وساطتها في العديد من النزاعات والمسائل المعقدة على غرار الحرب الإثيوبية الاريترية واتفاق التبو والطوارق في ليبيا والمفاوضات بين كينيا والصومال كما اشرفت على عمليات تبادل للأسرى في العديد من بؤر الصراع المسلح، وفي هذا الصدد كان للدوحة الدور الأبرز في اتمام الصفقة الشهيرة بين طالبان وواشنطن في عام 2014 والتي توجت بإطلاق سراح آخر أسير أمريكي محتجز في أفغانستان، كما كانت همزة الوصل في المفاوضات التي انتهت باتفاق تبادل السجناء الأخير بين طهران وواشنطن وما شمله من اتفاق الإفراج عن أرصدة إيرانية مجمدة تم تحويلها الى حساب في قطر، وتعول الإدارة الأمريكية على الدور القطري في أزمة الرهان الأمريكيين المتواجدين في غزة بالنظر الى علاقتها الوطيدة مع قيادات حركة حماس الذين تستضيفهم على أراضيها. ومع أن حماس قد أكدت مؤخرا على لسان أحد قياديها أن الحديث عن صفقة تبادل أسرى مع الاحتلال سابق لأوانه ما دامت المواجهة لا تزال مشتعلة إلا أنها من المرجح أن تبدي بعضا من الليونة بموقفها فيما يتعلق ملف الأسرى الأمريكيين وهو ما يعني فصلهم عن ملف التفاوض مع إسرائيل، دخول قطر على خط الوساطة يستوجب من حماس أن تتجاوب بشكل عقلاني حرصا منها على عدم فقدان هذه الورقة الرابحة والتي من شأنها أن تقلل من حدة الموقف الأمريكي حيال ما قامت به وسيكون هذا مفيدا لدعم مسار التهدئة عبر تجنب اصطدام مباشر مع الإدارة الأمريكية التي وان تمكنت من استرداد رعاياها الموجودين في حالة أسر لدى حماس فقد تسعى إلى التقليل من أهمية لجوء إسرائيل تنفيذ اجتياح بري لقطاع غزة بل إنها ستسعى لتجنبه وحث الإسرائيليين على التفاوض. ستكون قطر في سباق مع الزمن في محاولة لخفض التصعيد وقطع الطريق أمام محاولات نقل الحرب الى مواجهة إقليمية وبصفتها تملك قنوات اتصال مباشرة مع مسؤولي حركة حماس سيكون من السهل حثهم على ضرورة الإسراع في تنفيذ صفقة تحرير الأسرى الأمريكيين، لا ننسى بأن حمايتهم عبء ثقيل يزداد مع ضراوة القصف الاسرائيلي وقد ينتهي بسقوطهم بين الضحايا وفقدان هذه الورقة الرابحة، وهو ما تقوله الحركة بنفسها إذ أعلنت عن سقوط 9 قتلى من الأسرى خلال الغارات الجوية الأخيرة التي طالت قطاع غزة، والمتوقع من قطر أن توظف هذه الخطوة الإيجابية للضغط على الإدارة الأمريكية وحثها على دفع اسرائيل إلى خفض حدة تصعيدها في قطاع غزة، ومن ثم ستفتح الباب الى وساطة جديدة تفضي لوقف العنف ولجلوس الطرفين إلى طاولة المفاوضات. قد لا يكون الجميع على وعي تام بخطورة اتساع رقعة المواجهة خارج غزة، ومع تأخر الوصول إلى حل سلمي ينهي الصراع العنيف الدائر منذ أسبوع فان الصورة تبدو قاتمة وتزيد من احتمالية حدوث ذلك، وهو سيترتب عنه فوضى كبيرة سيكون لها تداعيات وخيمة على مستقبل المنطقة وعلى خريطتها الجيوسياسية لن يكون هذا في صالح العرب بشكل عام ولا الفلسطينيين بشكل خاص بل سيكون في مصلحة من يستثمر في إشعاله، ومع استمرار إسرائيل في عمليتها العسكرية ووقوع المزيد من الخسائر في الأرواح، لذلك فالمطلوب بشكل عاجل أن تنصب الجهود نحو التهدئة وتحقيق اختراق عاجل في المفاوضات بين الجانب الإسرائيلي والفلسطيني، غير ذلك فإننا مقبلون على كارثة إنسانية حقيقة في غزة، تحدث أمام مرأى المجتمع الدولي دون أن يحرك ساكناً.