08 نوفمبر 2025

تسجيل

مجلس التعاون الخليجي وليبيا

21 أكتوبر 2011

قد تصل مقالتي هذه إلى القارئ الكريم قبل أن تتأكد المعلومات والتي مفادها أنه تم إلقاء القبض على معمر القذافي حيا أو جريحا أو ميتا ولموجبات الصحيفة فلابد أن تصل هذه المقالة إلى الصحيفة في موعدها المحدد دون الانتظار إلى جلاء الموقف عن مصير عهد معمر القذافي قد أفل نجمه. أقول: تابعت كغيري من المهتمين بالشأن العربي أحداث ليبيا منذ اللحظة الأولى التي تفجرت فيها الأحداث انطلاقا من مدينة بنغازي، وكنت على اتصال بإخوة وأصدقاء احترمهم وأعزهم في ليبيا لعلي أعرف عن قرب ما يجري هناك كل ذلك قبل أن تتسع دائرة الأحداث؛ لم أكن مطمئنا على ما يجري في ليبيا منذ اللحظة الأولى لأسباب ليس هذا مكان شرحها الآن. كان عندي أصدقاء في نظام معمر القذافي وكان يبوح لي بعضهم بانتقاداتهم على إدارة معمر القذافي للدولة، كان لا يجرؤ أحد منهم بتوجيه النقد لمعمر القذافي وإدارته أمام آخرين من الليبيين، لكن هناك إجماعا عند كل من التقيت به في ليبيا بأن معمر القذافي يقود البلاد إلى التهلكة، وأنه بذر أموال الشعب الليبي في أماكن وعلى قيادات سياسية إفريقية وغيرها من أجل الظهور أمامهم بالقائد الملهم وهكذا استطاع أن يبني لنفسه أتباعا بالمال في كل أرجاء إفريقيا، كان بعض من أعرفهم يسرون لي بأنهم لا يفهمون ما يتحدث به معمر في مؤتمراته الشعبية وهم مرغمون على الجلوس في الصفوف الأولى للاستماع لمحاضراته وخطبه التي لا معنى لها. قدر لي أن أزور ليبيا في معية معالي الأستاذ أحمد عبيدات (رئيس وزراء الأردن الأسبق) والأستاذ (محمد فائق وزير الإعلام المصري الأسبق والأستاذ عبد القادر غوقة (سفير ليبي سابق) بهدف مقابلة معمر القذافي قبل انعقاد مؤتمر القمة العربي في سرت وتسليمه رسالة من المؤتمر القومي العربي تتعلق بالوضع العربي العام ونظرتنا له ومطالبنا من القمة العربية في شأن قضايانا العربية وأستطيع القول إن معظم المثقفين الليبيين الذين قدر لي شخصيا اللقاء بهم كانوا على قناعة مطلقة بأن ساعة الحسم مع نظام معمر القذافي قد اقتربت، سمعت هذه القناعات من أولئك الرجال في طرابلس قبل أن تتفجر الأوضاع في تونس وقيل لي إن مؤتمر القمة العربية في سرت سيكون آخر قمة يشهدها معمر القذافي هكذا كان الحال في ليبيا قبل هبوب رياح الربيع العربي من تونس. (2) في الأسبوع الأول من ثورة الشباب (بنغازي) اندفعت قوات معمر القذافي وكتائبه وكل أجهزته القمعية لإبادة الثورة قبل أن ينتشر نفوذها في ليبيا وبسرعة فائقة اجتمع المجلس الوزاري لدول مجلس التعاون الخليجي وقرر العمل الجاد لحماية الشعب الليبي من بطش الحكومة الليبية بقيادة معمر القذافي، وطلب انعقاد المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية وبسرعة ـــ لم يسبقها سرعة في القرارات العربية إلا قرار استدعاء القوات الأوروبية والأمريكية لتدمير العراق عام 1991 ـــ وقرر مجلس جامعة الدول العربية تعليق عضوية ليبيا في الجامعة العربية، ومن ثم التوجه إلى المجتمع الدولي ممثلا بالأمم المتحدة وطلب من المجتمع الدولي حماية الشعب الليبي من بطش حكومته وجبروتها، وهكذا تم استدعاء قوات حلف الناتو، وشاركت معظم دول مجلس التعاون الخليجي عسكريا في ذلك المجهود لفرض حظر جوي فوق ليبيا وتدمير كل مصادر النيران التي كانت تهدد ثورة الشعب الليبي، وقد كان لها ما أرادت. (3) الحق أن مجلس التعاون الخليجي قصر تقصيرا مخلا منذ أن سيطر الثوار على معظم المنطقة الشرقية من ليبيا، إذ لم يقم بزيارة بنغازي أي مسؤول خليجي وخاصة الدول التي شاركت في العمليات العسكرية والإعلامية في ليبيا علما بأن وفودا من دول الناتو توافدت على بنغازي واجتمعت بالقيادات الليبية التي كانت تدير معارك الثورة عسكريا وسياسيا وإعلاميا ومخابراتيا، وعندما حقق الثوار انتصارهم بدخول العاصمة طرابلس، اندفعت القيادات السياسية من دول الناتو نحو طرابلس في عز ساعات النصر هناك، كان منهم الرئيس الفرنسي ورئيس الوزراء البريطاني والطليان والألمان والأتراك وغيرهم وأخيرا وزيرة خارجية أمرياكا السيدة كلينتون، لقد راحوا إلى طرابلس ليرتبوا مصالحهم ويثبتوا رجالهم في القيادات العليا هناك والخليجيون الذين لهم تواجد عسكري لم نر ولم نسمع لهم وجودا.. لماذا غاب العرب والخليجيون على وجه الخصوص عن ليبيا في هذه الظروف الصعبة؟؛ لماذا تركت الساحة لغيرنا هناك؟.. أين الأمين العام لجامعة الدول العربية عن هذا المسرح وكذلك الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي؟، وأين الأمين العام للمؤتمر الإسلامي (أكثر من 50 دولة) مما يجري في ليبيا؟.. أستثني من ذلك المملكة الأردنية الهاشمية التي انتبهت للخلل أخيرا أوفدت وزير خارجيتها برفقة وفد رفيع المستوى. آخر القول: هكذا تضيع قضايانا، تحملنا أعباء مالية وسياسية ومعنوية في المسألة العراقية من عام 1991 وحتى اليوم وجنت إيران الفائدة بالاشتراك مع أمريكا وبريطانيا، وتحملنا تكاليف منظورة وغير منظورة في الشأن الأفغاني، وجنى غيرنا الفائدة الكبرى ومنهم إيران، وكذلك فعلنا ونفعل في ليبيا وغيرنا يجني الفوائد نفوذا واقتصادا وغير ذلك، أليس هذا عيبا مخلا؟!!