11 نوفمبر 2025

تسجيل

اليوم نغزوهم ولا يغزوننا

21 أغسطس 2014

العدو الصهيوني عدو وجود وعنصرية هذا صحيح ، وصحيح أيضا أنه يتصرف تحت طائل الكراهية والخوف والدعم الخارجي .. ولكن ذلك لا يكفي في تشخيص أهداف حروبه واعتداءاته على غزة ، واستشراف إمكانية أن يقوم بشن عدوان رابع أو خامس أو سادس عليها .. وإلا فلماذا لا يقع عدوانه كل يوم وكل شهر وكل سنة ؟ ولماذا يكون بين عدوانه الأول والثاني أربع سنوات ؟ ويكون بين عدوانه الثاني والثالث الحالي سنتان لا أقل منها ولا أكثر ؟الحقيقة أنه كان لكل عدوان من الثلاث حتى الآن هدف مختلف ومنفصل عن الآخر ، والحقيقة أنه لم يعد لذات العدوان بذات الهدف وذات الدافع سواء اكتشف أنه لا يمكن تحقيقه فلا داعي للمغامرة فيه مرة أخرى كعدوان 2008 ، أو كان مرتبطا بهف آني قد حققه واكتفى كما في عدوان 2012 .. وبنظر أهداف ذلك العدوانين ونتائجهما ، والبحث في سبب وسياق العدوان الحالي وسباقه ولحاقه يمكن بناء استنتاج يقيني ( وفق منطق العقل الصحيح وليس المغامرات والمسرحيات التمثيلية ) بأن العدوان الحالي 2014 لن يتكرر فقد اقتنع العدو بعدم جدوى المغامرة والمقامرة في مثله فضلا عن الأثمان التي سيدفعها .. وفي التفصيل أقول : أما عدوان شتاء 2008 فقد كان هدفه ( استعادة غزة من حماس وتسليمها لمشروع السلطة ) وقد فشل في ذلك فتأكد له وللسلطة ولحسني الساقط يومها أن حماس لا يمكن إسقاطها بالقوة العسكرية .. لذلك وجدناهم يتقبلون حماس بعد ذلك ويفتحون المجال للمصالحة التي عقدت مباحثاتها في القاهرة ولم تكن مقبولة بالنسبة لهم قبل ذلك .. وأما عدوان 2012 فقد كان ( لقياس إمكانية أن يتعايش الاحتلال ومعادلاته مع مرسي حتى بقية مدة رئاسته ) في ضوء التردد في القيام بالانقلاب عليه ، والذي كان - أي الانقلاب – بالنسبة لهم مغامرة كبيرة .. فلما وقع العدوان وتبنى مرسي المقاومة ، تحقق هدفهم من الحرب سريعا فأنهوها ولو لصالح المقاومة ، ولكنها كانت من حيث هدفها الأساس قد أعطت قرارا بإزاحة الرئيس مرسي .. لذلك بدأت عملية إزاحته وانطلق إعلام العسكر لتحضير الرأي العام المصري لذلك بعد العدوان مباشرة ورأينا " عماد الدين أديب " بعد أقل من أسبوع يستدعي تدخل الجيش في برنامجه الذي كان يسميه ( بهدووووء ) . أما هذا العدوان الحالي 2014 فقد جاء بعد وقوع الانقلاب في مصر ، وبعد أن دمرت مصر ( السيسي ) العلاقة مع حماس ، وبعد أن تفكك حلف الأخيرة مع إيران وحزب الله وسوريا ، وبعد المصالحة الفلسطينية التي سلمت فيها حماس للسلطة الحكم وتنازلت عن السلطة .. كل ذلك أعطى الانطباع لدى العدو وحلفائه من نظم المنطقة بأن فرصة القضاء على حماس باتت مهيأة وقد حان وقت رصاصة الرحمة أو الدزة الأخيرة لتتهاوى .. فصمت المعنيون الأولون بحماية غزة ؛ فالسلطة من جهتنا ومصر السيسي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي قبلوا بالعدوان وبعضهم أيده صراحة ولا يزال ، وبعضهم صمت صمت القبور، وكذا من جهة مجلس الأمن والدول الكبرى المسماة الرباعية والاتحاد الأوروبي .. كلهم أعطوا الفرصة كاملة لإنهاء المهمة والقضاء على المقاومة وعلى حماس .. وإذ لم يتحقق ذلك بعد 45 يوما ، وبدلا منه فاجأتهم حماس بصمودها وجرأتها ، وأدخلت أكثر من خمسة ملايين صهيوني إلى الملاجئ ، وعطلت المطار الدولي الوحيد في الكيان ، وفضحت ردعه ، وإذ تحرك معها الضفة الغربية وصارت قيد الانتفاضة الثالثة ، وتحركت معها الديبلوماسية القطرية والتركية ، وبدا أن إسقاط حماس بعيد المنال ، وأنها – أي حماس – وفشلت المبادرة المصرصهيونية التي ما أريد منها غلا إيجاد مخرج للعدو بما كسب وبما خسر وبما يعفيه من دفع الثمن .. ذلك يعني جملة خلاصات أساسية ؛ الأولى : أن العدو خسر الهدف الأساسي للحرب وهو القضاء على المقاومة وكسر قسوتها أو امتصاص طراوتها ، الثانية : أن فكرة استغلال حالة معينة لمهاجمتها ليست واقعية في ظل أنها تملك أسلحها وقرار استخدامها وفي ضوء إمكانات تطورها في المستقبل واستفادتها من الحروب الثلاثة .. الثالثة: أن الأذناب لم يستطيعوا أن يقدموا فارقا مهما في دعم العدو وأنهم إما فشلوا كالسيسي أو تراجعوا تحت ضغط شعوبهم كداعميه ، فضلا عن أن افتضاحهم الحالي سيدفعهم لشيء من خطاب وطني لا يسعف عدوانا آخر .. الرابعة : أن الخسائر السياسية والميدانية التي مني بها العدو والحاسبات المترتبة عليها إضافة للمتابعات القضائية والخسائر على مستوى العلاقات الخارجية كل ذلك سيجعل مصير نتنياهو كشخص ثم كتحالف سياسي داخل حكومته في مدى أن يطاح به من كل العمل السياسي كما أطيح بباراك بعد عدوان 2012 الذي ترك العمل السياسي بالكلية .. الخلاصة الخامسة : أن المقاومة وحماس ستتحرر من أسر الجغرافيا المصرية ما سيجعل معبر رفح مجرد معبر ثانوي على الهامش لا يحد من قوة المقاومة ومن تطورها في المستقبل كالذي كان في الماضي ..آخر القول: يمكن القطع بأن العدوان الحالي على غزة بأهدافه ونتائجه التي رصدت حتى الآن لن يتكرر أو على الأقل لن يتكرر لذات الهدف وبنفس الطمع الاستراتيجي وهو ما تعبر عنه حماس بعبارتها القوية (اليوم نغزوهم ولا يغزوننا).