08 نوفمبر 2025
تسجيلعلى لسان صحفي إسرائيلي قرأنا هذه الأيام تقريرا خصصه كاتبه للعلاقات بين اليمين الإسرائيلي المتطرف متمثلا في حكومة نتنياهو الحالية وبين أحزاب اليمين المتطرف والعنصري الأوروبي! طبعا يعرف الرأي العام العالمي أن أوروبا تجتاز مرحلة استثنائية من مسارها السياسي والأيديولوجي بسبب بلوغ أحزاب فاشية سدة الحكم ولو ضمن ائتلافات هشة لكنها تجر وراءها تاريخا أسود من آثار الهولوكوست (أي إبادة اليهود) ومن الواضح أن الثعلب الإسرائيلي نتنياهو أدرك أن هذه الأحزاب تريد التكفير عن ذنوب معاداة السامية وتتحول الى قوة مساندة للاحتلال ويريد طبعا ابتزازها عبر هذا التحول وفي هذا الصدد كتب الصحفي الإسرائيلي (يوسي ميتسري) وهو مراسل الشؤون الدولية في قناة 13 الإسرائيلية هذا الأسبوع تحليلا لافتا حول ما سماه «ظاهرة تدعيم العلاقات بين اليمين الإسرائيلي المتطرف ونظيره في أوروبا» وهو يعتبر هذه الظاهرة غير طبيعية بالنظر الى تاريخ اليمين الفاشي الأوروبي الذي ارتكب الهولوكوست ضد اليهود أثناء الحرب العالمية الثانية! وهذا ما استدعى البعض للتحذير من تلك العلاقات. يكتب الصحفي: « أرى أن «الموجة اليمينية المتطرفة التي تعصف بأوروبا في السنوات الأخيرة تشهد تقاربا مع إسرائيل، بصورة لافتة سواء مع مارين لوبان من حزب «الاتحاد الوطني» في فرنسا وفي إيطاليا حيث شغلت السيدة ميلوني منصب رئيس حكومتها لأول مرة وفي اليونان يكتسب اليمين المتطرف زخما وفي إسبانيا يواصل اليمين صعوده السياسي وكذلك ينطبق الأمر على ألمانيا والمجر وبولندا حيث انتصر اليمين العنصري منذ زمن طويل». وأضاف في مقال ترجمته «عربي21» أن «هذا التقارب بين اليمين الإسرائيلي والأوروبي يكتسب غرابة لأن الأخير معاد للسامية، وجذورهم معروفة في كراهية اليهود ولعل مطاردة رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان للملياردير اليهودي المجري جورج سوروس مصحوبة بصور وإشارات لمعاداة السامية الأوروبية الكلاسيكية وكذلك إنكار حدث مهم في تاريخ الشعب اليهودي وهي الهولوكوست ولعلنا نذكر تصادم رئيس الوزراء السابق يائير لابيد مع نظرائه البولنديين حول تغيير قانون الهولوكوست، «. وأشار الكاتب إلى أن «اليمين الأوروبي لا يخفي تمجيده من بين أمور أخرى لمعاداة السامية وقتلة اليهود، صحيح أن الحكومة الإسرائيلية ليست ممنوعة من التعاون معهم أصلا لأن العالم الجيوسياسي يتطلب الحاجة لاتخاذ قرار بارد بما يعزز المصالح السياسية ومن الأمثلة على ذلك «تحالف فيسيغراد» بين المجر وبولندا وسلوفاكيا والتشيك، وقد عرف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو كيفية الاستفادة من هذا التحالف لمنع التحركات السياسية ضد إسرائيل ويستخلص الكاتب من هذا التعميق للعلاقات فيكتب: «»العلاقة الحميمة مع الدول الأربع الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي لا تحدث كل يوم، لكن هذا لا يعني أن المسؤولين الإسرائيليين مطالبون بالموافقة على أي تعاون مع الأحزاب اليمينية المتطرفة فقط بسبب توافقهما حول الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، أو أن لديهما عدوا مشتركا، لاسيما- الفلسطينيين والمهاجرين المسلمين، ولسان حالهم يقول «لنتّحد معا يدا واحدة نحن أعداء المسلمين مهاجرين الى بلدانكم أو مقاومين لشعبنا الاسرائيلي» نلاحظ هما أن العدو المشترك لإسرائيل واليمين الأوروبي هو المسلم متمثلا في المهاجر من دول جنوب البحر الأبيض أو المقاوم الفلسطيني للاحتلال في الضفة والقطاع وخاصة جنين مع العلم أن هذين الملفين هما اليوم على طاولة كل حوار عالمي وكل مؤتمر دولي ! علق الكاتب الفلسطيني عدنان أبو عامر في مقال على (عربي 21) قائلا: «تقف اليوم دولة الاحتلال على مفترق طرق مركزي للغاية في اللعبة الجيوسياسية، لا سيما مع أوضاع الفوضى الداخلية، والدعم الدولي المتراجع، خاصة من البيت الأبيض، وأن الجمع بين تحالف اليمين الأوروبي والإسرائيلي الساعي للحصول على الشرعية الغربية، في نفس الوقت الذي تعبر فيه الإدارة الأمريكية عن إحباطها بشكل علني من الاحتلال، سيعني في النهاية أننا أمام عزلة إسرائيلية دولية متزايدة مع مرور الوقت. ويضيف: «يتركز التقارب اليميني الأوروبي الإسرائيلي على تجاهل احتلال الأراضي الفلسطينية، وحرمان الاتحاد الأوروبي من الإجماع اللازم لتمرير قرارات قد تضر بالاحتلال والتمييز ضد الفلسطينيين، ومن الواضح أن الترحيب الإسرائيلي بفوز اليمين في دول أوروبا يهدف لإقامة علاقات سياسية قوية معها تعيد دولة الاحتلال إلى القارة الأوروبية كحليف لا سيما أن هذه الأحزاب اليمينية الأوروبية تحاول التخلص من ماضيها الفاشي، ومن وجهة نظرها، فإن الدعم غير المشروط لإسرائيل جزء من الإجراءات لإزالة ما توصف بـ»رائحتها الكريهة التاريخية»! أمام هذا الواقع المعادي للعرب وللمسلمين هل من الحكمة أن نظل متفرجين ولا نتحرك (لا على الصعيد الفلسطيني فقط بل على صعيد الأمة جمعاء) لأن المستهدف منذ 75 عاما ليس فلسطين بالاستيطان والاحتلال وحدها بل الأمة الإسلامية بغاية إلغاء وجودها من خريطة (وذاكرة) العالم وهنا أتساءل:»ماذا فعلنا نحن من أجل توحيد مواقفنا وتوحيد ردود فعلنا وبالتالي فرض حماية مصالحنا في عالم لا يرحم الضعيف ولا يسمع للمظلوم ونحن أمة قوية بطاقاتها وكفاءاتها وإمكانية تغيير تحالفاتها؟»