06 نوفمبر 2025

تسجيل

أسعار الفائدة المرتفعة

21 أبريل 2024

تشير علامات إنهاك الاقتصاد الأمريكي إلى أن المصرف الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي قد أرجأ خططه لخفض سعر الفائدة، حيث عادت عبارة "استمرار أسعار الفائدة المرتفعة لفترة أطول" إلى عناوين الصفحات الاقتصادية في الصحف. وقد تباين اتجاه البيانات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ودول منطقة اليورو. ففي الولايات المتحدة، ارتفع معدل التضخم السنوي إلى 3.5 % في شهر مارس مقارنة بمعدل 3.2 % المسجل قبلها بشهر. وبلغت نسبة البطالة 3.8 %، وارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 0.9 % في فبراير، ثم زادت بنسبة 0.7 % في شهر مارس. وارتفعت تقديرات نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الأول من العام الحالي من حوالي 2 ٪ إلى 3 ٪. وفي المقابل، شهد معدل النمو في أوروبا ركودًا لستة فصول متتالية، وانخفض معدل التضخم إلى 2.4 %. وأثر ارتفاع أسعار الطاقة بالسلب على الشركات الألمانية متوسطة الحجم. ومن المتوقع أن يبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي في ألمانيا، وهي أكبر اقتصاد في أوروبا، 0.1 % فقط هذا العام. وكانت كريستين لاجارد، رئيسة البنك الأوروبي، قد قدمت إشارة واضحة على أن البنك المركزي الأوروبي سوف يخفض سعر الفائدة في يونيو، من المعدل الحالي البالغ 4 ٪، وأنه لن يتبع السياسة النقدية الأمريكية، حيث قالت: "نحن نعتمد على البيانات، ولا نعتمد على الفيدرالي الأمريكي". ويعتمد صناع السياسات في الولايات المتحدة أيضًا على البيانات، ولذلك فإنهم يؤجلون إجراء أي تخفيضات في أسعار الفائدة. وذكرت ماري دالي، رئيس المصرف الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو وأحد محافظي البنوك المركزية التسعة عشر الذين يضعون السياسة النقدية الأمريكية، أن التخفيضات لم تكن مدرجة في الأجندة قصيرة المدى، حيث قالت: "إن أسوأ شيء يمكن فعله هو التصرف بشكل عاجل عندما لا تكون هناك حاجة إلى الاستعجال". وفي بداية عام 2024، كان العديد من المستثمرين والاقتصاديين يتوقعون حدوث ما بين أربعة إلى ستة تخفيضات في أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية خلال العام. وأشار المصرف الاحتياطي الفيدرالي نفسه في توقعاته الصادرة خلال شهر ديسمبر 2023 إلى إمكانية إجراء ثلاثة تخفيضات. وبحلول منتصف أبريل، كانت التوقعات تشير إلى إمكانية حدوث تخفيض واحد أو اثنين، مع احتمالية عدم إجراء أي تخفيضات، وربما رفع أسعار الفائدة. وقد أثبت التضخم أنه "لزج"، حيث ترتبط العديد من الأسباب الأساسية لحدوث التضخم بالعرض، ولا تُعدُ هذه الأسباب دورية. وقد ساهمت العقوبات المفروضة على روسيا في ارتفاع أسعار السلع الأساسية. وسجل مؤشر يتتبع ستة معادن صناعية في بورصة لندن للمعادن ارتفاعًا بنسبة 8 % في الأشهر الثلاثة والنصف الأولى من العام. كما ارتفع سعر النفط إلى أكثر من 90 دولارًا للبرميل. وتنتهج الولايات المتحدة سياسة نقدية متشددة، ولكنها تتبنى سياسة مالية فضفاضة. وكتب جيمي ديمون، رئيس بنك جيه بي مورجان، في رسالته السنوية إلى المساهمين في بداية شهر أبريل الماضي، أن التضخم وأسعار الفائدة من المحتمل أن تظل مرتفعة بسبب الإنفاق الحكومي. وكانت التوقعات المتعلقة بخفض أسعار الفائدة في عام 2024 تسبق ما تخبرنا به البيانات. وهناك انحياز واضح نحو تصور مفاده أن العودة إلى أسعار الفائدة المنخفضة أمر "جيد"، وإبقاءها مرتفعة أمر "سيء". وفي بعض الحالات، يعكس هذا التحيز مصلحة خاصة؛ حيث يتبنى الكثيرون في عالم الاستثمار نموذج أعمال يستفيد من أسعار الفائدة المنخفضة، بسبب قروضهم المرتفعة نسبيًا، وهذا ليس مثل انخفاض سعر الفائدة الذي يعود بالنفع على الاقتصاد بأكمله. وإذا أدى خفض أسعار الفائدة إلى ارتفاع التضخم، فسوف يساهم ذلك في ارتفاع تكاليف المعيشة للجميع. كما أن أسعار الفائدة المرتفعة تكافئ المدخرين. ورغم أن "ارتفاع أسعار الفائدة لفترة طويلة" وصف شائع لنظام أسعار الفائدة الحالي، إلا أن المستويات الحالية في الواقع تعتبر متوسطة، وليست مرتفعة. وبإلقاء نظرة طويلة للغاية، يظهر التحليل الذي أجراه مجموعة من الاقتصاديين، والذي نشرته جيليان تيت في صحيفة الفايننشال تايمز، أن أسعار الفائدة الحقيقية اتخذت مسارًا متراجعًا بشكل عام على مر القرون رغم تقلبها بشكل كبير في الآفاق القصيرة ومتوسطة الأجل، لأن الكم الهائل من التمويل يساهم في ارتفاع كفاءة استخدامه. ولهذا السبب، هناك استنتاج واضح يتمثل في أن أسعار الفائدة ليست مرتفعة للغاية وفقًا للمعايير التاريخية؛ وأن الفترة الطويلة لها لا تعني أن هذا الارتفاع سيستمر للأبد.