14 نوفمبر 2025

تسجيل

حال الأمة وسر الاستثناء القطري من هول الأزمة ؟

21 يناير 2019

جددت جولة وزير الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط التأكيد على موقف الرئيس ترامب بالدعوة إلى تحالف عربي ضد إيران بالطبع يعوض ما كان تحالفا ضد الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين وهذا المشهد الجديد للسياسة الأمريكية لا بد أن يضطر العرب إلى التفكير و التدبير حتى لا ترسم الخرائط الجديدة ضد مصالح العرب في غفلة أخرى من غفلاتهم التاريخية المتعاقبة المشهورة. وفي هذا الصدد أشد على يديك أخي د.محمد صالح المسفر فأنت في مقالك الأخير كما في سالف تحليلاتك عميق الرؤيا جريء التصريح حين عرضت حال الأمة منذ سنت خياراتها الخاطئة التي أوصلت العرب إلى ما هم عليه اليوم من تبعية وسوء مصير فنحن كما قلت أنت أمة الفرص الضائعة و ما نزال نتخبط في أزمات صنعناها بأنفسنا وأدار غيرنا صراعاتها بينما ظل العرب كالدمى المتحركة على مسرح عالمي يتحكم الطغاة المستكبرون في توجيهه ! لكن الاستثناء القطري في هذا المشهد العربي المأسوي يدعو للاعتزاز بما حققته قيادة هذه الدولة من مكاسب وسط العواصف الهوجاء وهو ما أقرت به الولايات المتحدة أكبر عراب للخليج فعقدت مع قطر معاهدة الشراكة الإستراتيجية وهي المعاهدة التي تؤكد استقلال قطر وسيادتها على مواردها و مواقفها و تتشكل من أبعاد سياسية واقتصادية وأمنية و اتفاق على مكافحة الإرهاب و اجتثاته من جذوره. فالقيادة القطرية واعية بمستحقات الشراكة الناجعة باعتبارها التزاما دوليا لا تشوبه مؤشرات الابتزاز أو المساومة . و من هنا نفهم الفوارق الكبرى بين شراكة قطرية أمريكية قائمة على القيم والمبادئ و التقاء المصالح و بين شراكات أخرى لبعض جيرانها قائمة على الابتزاز والتذييل فقطر تستمر في إعانة الغزاويين في حياتهم اليومية الصعبة و تمول مشاريعهم وتعيد إعمار ما تهدم في قطاعهم و تدين العدوان الإسرائيلي عليهم و تعتبر كفاح أهل فلسطين للاحتلال كفاحا مشروعا يضمنه القانون الدولي كما تعبر قطر باستمرار عن موقفها الواضح من الجار الإيراني دون أن تسعى مثلما سعت الإمارات إلى عودة العلاقات الدبلوماسية مع سوريا الأسدية المحمية بالسند الإيراني ! كما لم تربط الدوحة علاقات تحت الطاولة أو فوق الطاولة كما فعلت بعض الدول الخليجية و العربية و قد سجل الرأي العام العربي تلك الورطة التي وقع فيها الرئيس المصري بعد استضافته في برنامج (ستون دقيقة) على القناة الأمريكية (سي بي أس) حين افتخر بالمستوى الذي بلغته التنسيقات المصرية الإسرائيلية من قصف مشترك لمواقع مصرية في سيناء كأنما سيناء ما تزال تحت الاحتلال و كأنما مصر لم تعد لها سيادة على أرضها و لا قدرة ذاتية على مقاومة الإرهاب الداخلي ! وهي الدولة التي «تضامنت» مع الدول الخليجية الثلاث المحاصرة لقطر من أجل ما ادعته....من دعم قطر للإرهاب ! و هكذا يكتشف العرب أن مصر السيسي التي تلوم قطر على ما ادعاه المحاصرون تقارب الدوحة مع طهران هي نفس الدولة (مصر) التي تتحالف مع إسرائيل المحتلة للأرض الفلسطينية العربية ويؤكد رئيسها للصحفي الأمريكي (سكوت بيلي) منذ أيام بأن العلاقات بين مصر و إسرائيل لم تبلغ من قبل ما بلغته في الوقت الراهن من قوة و نجاعة و يضيف رئيس مصر بأن مصر تشترك مع إسرائيل في مكافحة الإرهاب ! و في اعتبار حماس إرهابية ! و اعتبار إيران هي المهددة لأمن المنطقة ! و بالطبع أدرك الجمهور الغربي و العربي بأن درة برنامج (ستون دقيقة) هي قول الرئيس السيسي بأن سجون مصر خالية من أي سجين سياسي فمن أين جاءت منظمة (هيومن رايتس واتش) برقم 60 ألف سجين ؟؟ و نحن نتساءل ببراءة الأطفال بأية تهمة يقبع في السجن الصحفي المصري محمود حسين مراسل الجزيرة منذ ثلاثة أعوام بدون محاكمة و بدون توجيه أية تهمة له ؟ هل ضبطوه يسرق في سوبر ماركت أو يهرب مخدرات في مطار القاهرة أو اعتدى بالعنف على أمين شرطة في المعادي ؟ هذا هو حال العرب و على خلفيته حرب اليمن بضحاياها الأبرياء و تدخل الإمارات بمالها و مخابراتها في ليبيا الجريحة و في تونس الهشة و في المشهد العربي استمرار تهشيم ما تبقى من هياكل مجلس التعاون تدريجيا و الصراخ المرافق بأن قطر هي التي تخرج من بيت الطاعة في كل من مجلس التعاون و منظمة أوبك ! و هل سمعتم بتفاصيل المحاكمة التي أعلنت الرياض أنها بدأت لمقاضاة المتهمين المارقين بقتل جمال خاشقجي ؟ لا طبعا لم يتسرب خبر حول أسماء الموقوفين في حين يراهم السعوديون في بيوتهم أمنين و لا أحد يعرف أسماء الخمسة الذين ستقطع رؤوسهم و لا حتى مصير جثة الشهيد بعد اعتراف السيد مشعل المشعل بأن القتلة قاموا « بتجزئتها» كأن الأمر يتعلق بتقطيع ناقة و توزيع لحمها على فقراء مكة ! أستغفر الله باسم العرب من حال العرب وأدعو الله أن يهدي حكامهم و يرشد شعوبهم إلى سواء السبيل.