03 نوفمبر 2025

تسجيل

إيجابية الإجازة أم سلبية العطلة؟!

21 يناير 2016

الترويح عن النفس والتخفف من ضغوط الأعمال ومشاغل الحياة الدنيا، لنقبل مجددا على أداء الأدوار واستكمال المهام بشوق ورغبة وحيوية تضمن تحقيق معدلات أفضل من الإنجاز والإنتاجية بعد أسابيع أو شهور من النشاط الوظيفي أو الدراسي المتواصل، يغدو حقا لأنفسنا علينا باقتناص أوقات معينة نغير بها بيئة النشاط، ونحول رتابة الأعمال ونمطيتها إلى أجواء أكثر إمتاعا وشعورا بالارتياح النفسي والبدني وفق برنامج زمني معلوم التوقيت والمهام . بعد أن أنهى الطلبة فصلا دراسيا حافلا، ختموه باختبارات أعلنت نتائجها مؤخرا، نبارك للناجحين ونرجو مستقبلا أفضل لمن تدنى تحصيله، وقد استقبلنا معهم إجازة منتصف العام الدراسي "الربيع" ورتب أكثرنا إجازاتهم الدورية تزامنا مع إجازة أولادهم أملا في تهيئة أجواء عائلية ماتعة تجمع شمل الأسرة التي فرقتها مشغلات وملهيات فانية .نواجه إشكالية ينبغي تلافيها حول مفهوم الإجازة؛ حيث ترتبط في أذهان فئات كثيرة بالعطلة والفراغ وما يحملانه من مدلولات سلبية تشير إلى تعطيل الإنتاج والتوقف عن النشاط والتخلي عن أداء الواجبات وتطوير الذات، وليس في ديننا الحنيف وثقافتنا القيمة ما يدعو إلى تعطيل الطاقات ويجعل الأوقات أوقاتا فارغة، إنه فهم خاطئ وتفسير مخادع يبرر به العاطلون الفارغون سوء أعمالهم والتنصل من مسؤولياتهم، ويتخذون من هذه المواسم ذرائع لنشر فسادهم واستدراج شباب أمتنا "ذكورا وإناثا" نحو الفواحش والمنكرات وتحويلهم إلى عناصر هدم وإهدار للوقت والصحة والمال.شباب الأمة وفتيانها عماد نهضتها وأساس قوتها ومصدر عزتها، فكم تبلغ نسبة من يحسنون استثمار أوقات إجازتهم في تحقيق تطلعات أمتهم أو تجديد نشاطهم وتحفيز دافعيتهم نحو مزيد من الإنجازات البارزة بعد عطاء مستمر وجهود متواصلة؟ .الدراسات تنبئ عن واقع مؤسف خطير يؤكد أن نسبة المنتجين المنجزين تبلغ 20% فقط، بينما تموج النسبة الكبرى في عبث وفوضى وممارسات سلبية! وهؤلاء تنحصر سياحتهم الداخلية أو الخارجية غالبا في فنادق ومجمعات ومطاعم. ونحن نشاركهم شيئا من ذلك، لكن يجب أن نخصص قدرا من أوقاتنا للسياحة الأهم ثقافيا وعلميا وحضاريا، ومنها أداء العمرة وزيارة المدينة المنورة . المراكز الشبابية والمساجد ومؤسسات النفع العام يجب أن تتضافر جهودها وتتكامل في توظيف طاقات الفتية والشباب إيجابيا . وأدعو كل من أحب له الخير أن يلتحق بجماعة الدعوة والتبليغ لما تقوم به من أدوار فعالة في احتواء الشباب واستثمار أوقاتهم وجهودهم في الإصلاح الاجتماعي، وعمارة المساجد واستنهاض رسالتها النبيلة، فالجماعة تحمل رؤية عالمية الأهداف ومشروعا دعويا متكاملا، يناسب جميع الفئات .وعلى شباب أمتنا أن يكونوا أكثر وعيا وتدينا وحرصا على تمثيل شخصية العربي المسلم بصورة حضارية تصلح قدوة للآخرين، وإن وسائل الاتصال المؤثر "الإعلام" عليها مسؤوليات جسام في تبني هذه الأهداف النبيلة وتطبيقها، ومن ذلك ما نؤمله مع إطلاق قناة الريان الثانية مؤخرا . فلتكن إجازتنا فرصة ثمينة نستفيد منها بطريقة بناءة . تصويباتالمراهقة مصطلح معرب يقود نحو تمرير أخطاء الأفراد في مرحلة عمرية معينة حتى وإن وقعوا في كبائر الذنوب والفواحش، والصواب تسميتها مرحلة الفتوة، وتاريخنا يشهد أن عددا من أبطال أمتنا وقادتنا الفاتحين من هذه المرحلة العمرية.وقت الفراغ أيضا تعريف مخادع، يؤدي إلى تخلي الأفراد عن واجباتهم وانشغالهم بتوافه الأمور. أما الشعوب الجادة المنتجة فليس في قاموسها وقت الفراغ، وإنما يحتاج العاملون المجدون قسطا من الراحة وتحفيز الطاقات ليعودوا مجددا للعمل والإنجاز، أكثر همة وقدرة وحيوية .