14 نوفمبر 2025

تسجيل

عندما تستحي العين!

21 يناير 2013

منذ أيام خرجت من أحد مراكز التسوق إلى سيارتي، أفرغت مشترياتي من العربة في حقيبة السيارة الخلفية، ركبت السيارة وهممت بالانطلاق، لحظات وإذ بأحد منظمي حركة السير أمام المركز يركض خلفي رافعاً بيده حقيبتي التي نسيتها في عربة التسوق، شكرته بامتنان وأنا أتصور في لحظتها حالي وقد ضاعت حقيبتي بمحفظتي، وأوراقي المهمة، وموبايلي، ومفاتيحي، وبطاقاتي الخاصة، وجدتني أكرر له شكري وخاطري يعلو بسؤال، ماذا لو كان هذا الرجل لصاً وآثر الاحتفاظ بالحقيبة - طمعاً بما سيتصوره فيها - على أن يسلمها لي؟ ورطة سيصبح الأمر ورطة بكل معنى الكلمة وأول المتاعب كيف سأدخل البيت وقد فقدت المفتاح؟ تمهلت، سألته (انته منين، اسمك إيه)، قال بأدب أنا محمد عبدالرؤوف من كفر الشيخ، وعرفت منه أنه يعمل في شركة (G4S) براتب متواضع جداً، سألته عن حاله وأحواله وأهله فما سمعت غير الحمد لله، كررت شكري له على أمانته ومضيت وقد استولى على خاطري معنى كلمة الأمانة التي قد تسكن قلب فقير بينما يحرم منها قادر طالت يده الكثير ولم يشبع فخان ما ائتمن عليه! نماذج الأمانة متكررة منها السائق الذي أوصل سائحاً إلى الفندق ثم عاد إليه مرة أخرى ليسلمه حقيبته التي بها جواز سفره ورزم من أوراق البنكنوت، ومتعلقات قيمة، أمانة (السائق) رغم اختلاف الجنسية هي نفسها أمانة (محمد عبدالرؤوف) الذي سلمني حقيبتي دون أن يمسها، صاحبني امتناني لمحمد النبيل طوال الطريق، في المساء تصفحت الجريدة لأقرأ عن حال آخر للأمانة الممتهنة فهذا (زكريا عزمي) يسدد لخزانة الدولة مليونا ونصف المليون قيمة الهدايا التي تحصل عليها من مؤسسة الأهرام دون وجه حق، وهذه زوجة أحمد شفيق (الهارب) ترد قيمة الشاليهات التي تحصل عليها الفريق زوجها دون وجه حق، وفي القائمة الطويلة للفساد الزاعق ستة وعشرون متهماً يسددون قرابة (30) مليون جنيه وفي رأسي يلح السؤال، كم مليونا نهب من مصر؟ كم مليارا سرقت من المال العام وحرمت الناس أقواتا، وتعليما، وعلاجا، واستقرارا، وسترا، وحفظ ماء وجه؟ كم مليارا هربت لتؤسس تاريخا طويلا للفقر والمرض والبؤس للغلابة المطحونين؟ وكيف الحال لو أن خير مصر ظل منذ عقود لأهلها؟ أي نماء، أي ازدهار، أي رفاهية كان سيعيشها الشعب المسروق؟ ضرب الفساد بأطنابه أرض الوطن المجروح فكانت الرشوة، وكان السلب والنهب وقضايا فساد لا يتصورها عقل، نخر السوس كل مؤسسات الدولة ليصدق مثل "إذا كان رب البيت بالدف ضاربا فشيمة أهل البيت الرقص"، كيف تسلم المؤسسات من الفساد وراعي الحمى ذئب يلغ في دم القطيع؟شاعت الرشوة، وضاعت الأمانة التي ينتمي إليها ويعتنقها محمد عبدالرؤوف!والسؤال لماذا يهدي رأس الهرم الوظيفي لرئيس الدولة وحاشيته؟ الجواب باختصار ودون لف ولا دوران يقول الهدية رشوة! ولماذا الرشوة؟ لتثبيت (البراغي) يعني، كي يظل المسؤول في مكانه (ملزوقاً) على الكرسي لا يفارقه، والمثل المصري يقول (اطعم الفم تستحي العين) وإذا ما استحت العين بعدما رأت حجم الهدايا المهول سكتت وتغاضت عن أخطاء فادحة فاضحة، وظل رئيس المؤسسة (قاعد على قلب مؤسسته وكاتم أنفاسها)، وهذا ما يفسر وجود مسؤولين بمؤسسات عريقة مدداً طويلة لا يتغيرون ولا يغادرون كراسيهم، وبالتالي يرد المسؤولون الجميل بصحافة بوق تحمل المباخر تعظم، وتفخم، وتلمع، وتثني على مناقب السيد الرئيس الذي ينجح في الانتخابات من حب شعبه فيه بنسبة 99.5%، أتابع قراءة أخبار الجريدة كلها محزنة، حجم ما يكتشف من فساد مهول، نسبة الجريمة تزايدت برقم مرعب، ما خلفه هدر المال العام، ونهب المؤسسات، وما خرج في شكل هدايا وعطايا من مصر التكية للذين أعطوا ضمائرهم إجازة مفتوحة كثير كثير كثير، وكل ما تعانيه مصر الآن كان لأن الأمانة ضاعت فامتدت الأيدي لتغصب ما لغيرها وامتلأت كروش الكبار من عرق الشعب الكادح في غيبة من نبالة الأمانة، ورغم كم هذا العفن الذي يوجع قلب من يقرأ أخبار السطو على الوطن يشمخ امتنان أقدمه تحية لأمانة محمد عبدالرؤوف أحد المغتربين الكادحين الذين اغتصب السراق حقهم في حياة كريمة ولم يتركوا لهم حتى فتات أفراح.****** ملاحظة* ذهبت صديقتي إلى المطار قبل ساعتين لتسافر إلى القاهرة، ورغم ذهابها المبكر لإنهاء إجراءات السفر عادت بحقائبها، لما سألتها لماذا تخلفت، قالت انتظرت طويلاً النداء على الطائرة فلم أسمع شيئاً، وعندما فات وقت الإقلاع سألت عن موعد الإقلاع الجديد فقال المسؤول إن الطائرة أقلعت فعلاً والنداء على الطائرات ألغى منذ فترة، لذا قد لا ينتبه المسافر رغم وجود مواعيد الهبوط والإقلاع فيقضي وقته منهمكاً في حديث بموبايله، أو في التسوق من السوق الحرة، أو الصلاة معتمداً على النداء الذي ينبهه للتوجه إلى الطائرة، بالنظام الجديد لا نداء على الركاب، (المطار ساكت)، ولما سألت أستاذنا إيهاب عبدالفتاح بالقطرية، لماذا ألغيت النداءات قال هذا نظام دولي، يستهدف عدم الإزعاج، ولضمان عدم تأخير الطائرات، أما التوجه إلى الطائرة فمسؤولية الراكب وحده. طبقات فوق الهمس* عندما بكت لمحنة صديقتها، قال قلبي بصوت عال (لسه الدنيا بخير).* التعاطف مع الألم توجه قلبي لا يصدر إلا من نفس نبيلة.* قد تكون ذهبي الصوت، أو ذهبي الأصابع، أو ذهبي الإحساس.* اللسان قد يكذب وقد يتجمل لكن القلب موشوم بالصدق.* رسالة حب طويلة قد تقولها عين دون كلمة.* وقت الشدة تستدعي مشاعرنا إنساناً بعينه دون سواه، لا يغني عنه إلا هو!* دائماً تأتي تباشير الأمل من أعطاف الألم، لا ألم يدوم.* قد تبتعد لترى الصورة أوضح، الالتصاق يضبب الصورة.* الإهانة قد تسبب شروخاً، وكم من شروخ فتحت جروحاً، وكم من جروح عزت على الالتئام.* القلوب الكريمة تنصت لأنات لا صوت لها.* شاعت الأقوال والأمثال فهل الصديق عند الضيق حقاً؟* أبسط قواعد الحب تقول.. كما تتلقى المحبة عليك أن تبذلها.* اعجب طويلاً من الذي يغيب بسؤاله عن صديقه دهراً ثم يسأله ببساطة انت فين؟* كثرة الجروح تميت المحبة.* عندما يغادرنا حبيب أو يسافر يترك مكانه خالياً في القلب لا يملؤه غيره ولا يسكنه سواه مهما نأى أو غاب يا ليلى.