17 نوفمبر 2025
تسجيلإنّ إرث كأس العالم قطر 2022، ليس إرثاً ماديّاً فقط متمثلاً في بنية تحتية متطورة وملاعب من الدرجة الممتازة ومدن جديدة تُدخل قطر في عصر جديد يحقق الانسجام والتكامل بين التقدم والبيئة احتراماً للأجيال القادمة في المستقبل. بل هناك إرث آخر لا يقل أهمية لهذه النسخة من كأس العالم التي أبهرت الجميع هو إرث القيم الثقافية والإنسانية. لقد كان كأس العالم 2022 بقطر في افتتاحه واختتامه حاملاً لرسالة إنسانية عالمية تعبر عن الروح الحقيقية للثقافة الإنسانية وهو أن البشر شرقاً وغرباً إنما هم أمة واحدة بثقافات متعددة ولغات متنوعة وديانات مختلفة، وألا فضل لثقافة على أخرى إلا بما تقدمه من قيم أخلاقية وثقافية تحقق إنسانية الإنسان، فكل الثقافات متساوية في محاولة المساهمة في بناء ثقافة إنسانية توحد الكثرة وتثمن الوحدة المتكثرة. لقد كانت كأس العالم قطر 2022 تجاوزاً للمركزية الغربية وللأمركة "العولمة" التي تريد أن يكون العالم على نموذج واحد يقصي كل ما عداه وينكل به. يمكن حصر الإرث الإنساني لكأس العالم 2022 في النقاط التالية التي لا تعبّر بالضرورة عن كل ذلك الإرث: - على المستوى القومي: لقد كشفت كأس العالم 2022 أن الأمة العربية والإسلامية أمة واحدة مهما تعددت الأقطار واختلفت وتصارعت فيما بينها. فقد أعادت هذه الكأس بكل قوة ذاك الشعور القوى بالانتماء لأمة واحدة وهي الأمة العربية والإسلامية بعيداً عن كل التأثيرات السلبية لبعض النخب السلطانية في محاولتها دفع الشعوب للعداء والكراهية. لقد كانت كأس العالم قطر 2022 صفعة في وجه كل من راهن على زرع بذور الفرقة والعداء بين الشعوب العربية والإسلامية بل أعادت شعور الانتماء للأمة العربية أولاً والإسلامية ثانيّاً بكل قوة وتجلت قيم الانتماء بكل قوة في المساندة المطلقة لجميع الفرق العربية وخاصة المغرب التي ذهبت بعيداً وكذلك في وحدة رفض حضور الإعلام الصهيوني من كل الشعوب العربية والإسلامية وهي رسالة مضمونة الوصول للمطبعين العرب سلطة ونخبة ولتعلم إسرائيل ألا مكان لها بين شعوب الأمة العربية. - على المستوى الإنساني: لقد بيّن الافتتاح والاختتام أن الثقافة الإنسانية في بعدها الكوني لا تشمل الثقافة الغربية المهيمنة بل تغتني بكل الثقافات الأخرى التي لها هي أيضاً ما تقدمه للإنسانية من قيم تحافظ على وحدة الإنسانية وعلى الوجود الإنساني ذاته من خلال إعلاء قيم الأسرة على حساب قيم مجتمع الميم التي تمثل تهديداً للوجود الإنساني ذاته وتبشيراً بانقراض النوع البشري. كما كشفت كأس العالم 2022 أن العرب ليسوا كما ترسمهم السينما الغربية كإرهابيين أو بدو "البداوة ليست عيباً في حد ذاتها بل تحمل قيماً أخلاقية وإنسانية ما أحوج البشر لها اليوم" يسكنون الخيام وللرجل أربع زوجات وعدد لا يُحصى من الجواري، بل هم أمة متقدمة وذات قيم أخلاقية عالية لدرجة أنه لأول مرة في كأس العالم لا تتعرض النساء للتحرش وتجد الأسرة كامل راحتها في الملاعب. لقد اكتشف العالم العرب المسلمين من جديد بعيداً عن تأثيرات الإعلام والنخب الغربية. لقد كشفت كأس العالم 2022 بقطر أن البشر أمة واحدة مهما اختلفت ألوانهم وثقافاتهم وأعراقهم وأديانهم وأنه متى تحرروا من النخب الفاسدة والمضللة يمكنهم العيش بسلام.