10 نوفمبر 2025

تسجيل

الاقتصاد السعودي يستفيد من موسم الحج

20 سبتمبر 2015

يساهم موسم الحج في تعزيز قدرات الاقتصاد السعودي عبر منح الشركات الوطنية فرصة سنوية ومتكررة لتجربة وترويج منتجاتها وسلعها على قطاع واسع من الزوار من مختلف دول العالم.. مؤكدا، لا تتوافر هكذا فرصة لشركات أخرى من مجلس التعاون الخليجي وفي ذلك تميز لبعض القطاعات في الاقتصاد السعودي. بل سوف تعزز هذه الفرص في السنوات القليلة القادمة مع توجه السلطات السعودية بإنهاء حالة تخفيض أعداد الحجاج مع انتهاء مشاريع التوسعة في منطقة الحرم المكي. وبات موضوع الانتهاء من أعمال التوسعة مهما في أعقاب الحادث المأساوي الذي وقع في الحرم المكي وأدى لوفاة وإصابة العشرات من الحجاج. وكانت الإحصاءات الرسمية قد كشفت قيام مليوني شخص وتحديدا 2085238 حاجا بأداء مناسك الحج في عام 2014. وتوزع الرقم ما بين قرابة 1.4 مليون حاج من الخارج والباقي من الداخل وجلهم من الجنسيات غير السعودية. لا تختلف التوقعات بالنسبة للأعداد لموسم 2015 عن أرقام 2014 على الأقل بالنسبة للقادمين من الخارج وربما يحصل تراجع بالنسبة للحجيج من داخل المملكة وذلك في أعقاب الحادث المأساوي.وبالنظر للأمام، يتوقع حصول نقلة نوعية في أعداد الحجاج وصولا لنحو 5 ملايين سنويا في غضون 5 سنوات. ويضاف لذلك 30 مليون معتمر سنويا خلال الفترة نفسها. بلغة الاقتصاد، المأمول بأن يساهم رفع القيود على عدد الحجاج أي الطلب بالحد من كلفة أداء المناسك في ظل توسعة قدرات العرض مع انتهاء أعمال التوسعة.وتبين وجود شكوى محقة من قبل الشارع من ارتفاع تكاليف أداء الحج في السنوات القليلة الماضية.. لكن يمكن ربط التطور بأسباب لها علاقة بوضع قيود على عدد الحجيج للمقاولين ما يفسح المجال أمام رفع الأسعار.. بكل تأكيد، يضاف لذلك التكاليف المرتبطة باستئجار المساحات مثل الخيم في المشاعر المقدسة.وفي كل الأحوال، من شأن ارتفاع أرقام الحجاج إفساح المجال أمام الشركات الصناعية بالوصول لشريحة أكثر تنوعا من المشترين لترويج مختلف أنواع السلع على الحجيج من جهة والمعتمرين من جهة أخرى وخصوصا خلال فترة العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك. وتترجم هذه الفرصة إلى تعزيز القدرة التنافسية للشركات السعودية الأمر الذي يتجلى بشكل واضح بالنسبة للمؤسسات الصناعية السعودية العاملة في مجال الألبان مثل المراعي وندى ونادك. وقد بلغت بعض هذه الشركات من القوة لدرجة سيطرتها على بعض المنتجات والتنافس فيما بينها في الأسواق الإقليمية. تتوافر في مكة المكرمة أكثر من سبعة آلاف بناية لسكن الحجاج عدا الفنادق المصنفة، حيث تصل نسبة الإشغال 100 بالمائة.. وفي هذا الإطار، يقوم بعض أرباب المنازل في مكة المكرمة بتأجير بيوتهم على مقاولي الحج ومغادرة المدينة المقدسة أثناء الموسم. بل إن بعض أصحاب العقارات في مكة على الخصوص يعتمدون على دخل موسم الحج لتغطية مصروفاتهم لسنة كاملة.من جملة الأمور الإيجابية الأخرى، يوفر موسم الحج مجالا لآلاف السعوديين للحصول على فرص العمل الأمر الذي يساعد على الحد من تفاقم أزمة البطالة في السعودية بين الذكور. وفي هذا الصدد، يقوم المئات من المواطنين باستخدام عرباتهم الشخصية لتوصيل الحجيج وبالتالي الحصول على دخل إضافي. بل يقوم بعض المقيمين في السعودية من المسلمين ممن يجيدون لغات متعددة وخصوصا الإنجليزية بتوفير خدمات النقل وبشكل سري عبر سيارته الخاصة. يتميز الحجاج بالصرف على العديد من الأمور خلال الموسم من قبيل الإقامة والأكل وتقديم الأضاحي وشراء الهدايا والصرف على المواصلات والاتصالات وغيرها من الأمور المتنوعة. كما يوفر الموسم فرصة لبعض الشركات الأجنبية من مطاعم ومقاه لتوفير خدماتها للزوار وخصوصا من الخارج والذين يثقون في أسمائها التجارية. اللافت قيام بعض هذه العلامات التجارية بالترويج لسلعها بالتضرع لله سبحانه وتعالى بتوفيق الحجاج بأداء المناسك. وقد تبين من التجربة قيام بعض الحجاج من دول إفريقية مثل نيجيريا وآسيا الوسطى مثل كازاخستان وشرق آسيا مثل إندونيسيا بالاستفادة من موسم الحج لجلب سلع وبيعها بأسعار خاصة على الحجاج الآخرين.. تعتبر عملية البيع أفضل وسيلة لبعض الحجاج غير الميسرة أحوالهم لتغطية نفقات الحج. ويمكن الزعم بأن كل شيء قابل للبيع والشراء في الديار المقدسة.. وتشمل هذه الألعاب وأجهزة إلكترونية والملابس القادمة من عديد من الدول الإسلامية. كما أن بعض أصحاب المتاجر يجيدون الحديث بعدة لغات أول الاكتفاء بما هو ضروري من اللغات لتيسير المعاملات التجارية.. وليس من الخطأ القول بأن التاجر الذي لا يستطيع تحقيق نتائج مالية مميزة خلال موسم الحجم عليه توجيه اللوم لنفسه نظرا لوجود الطلب. وربما يكون حجم النفقات المرتبطة بالحج أعلى مما يعتقد نظرا لصعوبة الوقوف على الأرقام الفعلية لأسباب تشمل رغبة بعض أصحاب المتاجر بالتقليل من مستوى النشاط التجاري لغرض تثبيط أو عدم تشجيع آخرين لدخول حلبة المنافسة في مجال عملهم.. من الصعوبة بمكان معرفة القيمة الفعلية لبعض الخدمات في ظل غياب نظام ضريبي.في الواقع، تستفيد أربع مدن واقعة في غرب المملكة بشكل كبير من موسم الحج والعمرة وهي بالتحديد مكة المكرمة والمدينة المنورة وجدة والطائف. بل يعتبر مطار الملك عبد العزيز في جدة بوابة الوصول للديار المقدسة. كما نجح مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز في المدينة المنورة في فرض نفسه في الآونة الأخيرة بشكل أكثر بعد الانتهاء من أعمال التوسعة فيه. مما لا شك فيه، هناك الكثير من المنافع الاقتصادية المرتبطة بالحج والتي بدورها تعتبر ترجمة حقيقية لمقطع الآية الكريمة «ليشهدوا منافع ...» سورة الحج الآية رقم 28). نسأل المولى عز وجل بأن يوفق الحجاج وإرجاعهم إلى أوطانهم سالمين غانمين.