07 نوفمبر 2025
تسجيللقد ابتليت مجتمعاتنا العربية المسلمة فى الآونة الأخيرة بداء خطير شوه العقول والوجوه والأجساد، ألا وهو عمليات التجميل التى باتت مدعاة للتفاخر بين النساء وحديثاً بين بعض الرجال للأسف الشديد، متناسين قول الله تعالى: {وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا} (119) سورة النساء ان ديننا الحنيف لم ينه عن التجمل والاعتناء بالنفس، بل على العكس حبب ذلك وجاء فى حديث رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه (ان الله يحب أن يتزين له )، ولكن المنهى عنه هو تغيير خلق الله تعالى، والانشغال المفرط بالخارج دون الباطن، وتضييع حدود الله تعالى وحرماته بالكشف أمام أخصائيى التجميل دون حاجة لذلك، فلو كان الأمر اصلاح أذى أو تشوه فذلك أمر آخر، لكننا نتحدث عن التجمل الزائد لزيادة الحسن لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لعن النامصة والمتنمصة والواصلة والمستوصلة والواشمة والمستوشمة لما فى ذلك من احداث التجميل الكمالى الذى ليس لازالة العيب. وكان الأحرى بالرجال ألا يفقدوا غيرتهم تحت مبضع جراحى التجميل حيث تستلقى نساؤهم، قال المناوى فى فيض القدير: وأشرف الناس وأعلاهم همة أشدهم غيرة فالمؤمن الذى يغار فى محل الغيرة قد وافق ربه فى صفة من صفاته، ومن وافقه فى صفة من صفاته كانت تلك الصفة بزمامه وأدخلته عليه وقربته من رحمته ". لقد بتنا نرى الكثير من النساء يحملن ملامح متشابهة ومقاسات متماثلة، وتبدلت العيون والأنوف والمفاتن، وأصبح الخداع والتزييف هو عنوان التعاملات، فلم نعد نفرق بين ماهو طبيعى وبين ماهو سيليكون ومزيف.. والأسوأ فى الأمر أن الشخصيات المزيفة التى نراها على الشاشات قد باتت وكأنها المثل الأعلى الذى يقتدى به من أجل أن تكون نساؤنا وفتياتنا بهذا المظهر البلاستيكى المتعرج، وتلك الشفاه المنتفخة والأنوف الحادة والخصور المنحوتة، و....... وما خفى كان أعظم.. ان أمتنا الاسلامية تأن وهى ترزح تحت وطأة الثورات والمحن والآفات الاجتماعية المؤلمة من غلاء فى المعيشة، وعنوسة، وانتشار للمنوعات بين الشباب، وضياع الهوية الدينية والعربية وسط تيارات الانفتاح المتسارعة التى أحدثتها رياح العولمة، وغير ذلك الكثير الكثير بمايكفى لأن يجعلنا ننظر لأبعد من تفاصيل ومقاسات وجوهنا وأجسادنا. قال الشيخ عبد العزيز السلمان رحمه الله فلو رأيت المعذبين وقد أكلت النار لحومهم ومحت محاسن وجوههم واندرس تخطيطهم فبقيت العظام محترقة مسودة وقد قلقوا من شدة تكرر العذاب الأليم وهم ينادون بالويل والثبور ويصرخون بالبكاء والعويل فلو رأيتهم لذاب قلبك فزعا ورعبا من سوء خلقهم ولخرجت روحك من نتن رائحتهم فكيف لو نظرت لنفسك وأنت فيهم وقد زال من قلبك الأمل والرجاء ولزمك القنوط والاياس فمثل لنفسك لعلك أن تتأثر فتستعد للقاء الله.