07 نوفمبر 2025

تسجيل

الطبقة الوسطى 2

20 أغسطس 2020

كما أشرت آنفاً فإن الطبقة الوسطى في مجتمعات الخليج وليدة الدولة مع اختلاف في النسبة بين دولة وأخرى؛ فبعد تدفق النفط أصبح أولئك القريبون من آلية القرار هم من يمكن أن يطلق عليهم هذا الوصف، نظراً لدخولهم ضمن دائرة الريع، بمعنى آخر أنها بالأساس اجتماعية البنية، وربما في بعض المجتمعات الخليجية الأخرى هي اقتصاديـة البنية إلى حد ما كذلك. لكنها اليوم خائفة من الدولة وتنكر الدول لها، خاصة بعد أن تعرض مفهوم الدولة نفسه للارتجاج، وأصبحت الدول في معظمها عبارة عن امتدادات لتجمعات اقتصادية رأسمالية خاصة هادفة إلى الربح، وفوضت ما غير ذلك من أمور سيادية وأمنية إلى الخارج، فبالتالي ثمة انفكاك لابد لـه من أن يحدث وثمة هوة لابد من أن تتحقق بين الطبقات الاجتماعية. سوف تعاني مثل هذه الطبقة من صعوبة استمرارها للمحافظة على طابع المجتمع وقيمه وعقلانيته في مثل هذا الوضع، وسيكون المجتمع ككل هو الخاسر الكبير عند احتكاك الأعلى بالأسفل بسبب تآكل هذه الطبقة، فالطبقات الأخرى غير قادرة على لعب أي دور تاريخي كما أثبت التاريخ نفسه ذلك. فالنظرة الموضوعية التي يجب التركيز عليها هي ضرورة المحافظة على هذه الطبقة حتى في ظل الظروف الراهنة التي تتميز بانسياب التأثيرات الاقتصادية الرأسمالية المحمومة التي حولت المجتمعات إلى أسواق استهلاك والبشر إلى مستهلكين فليس أدنى من المحافظة على نظام تعليمي مجاني متميز ونظام صحي مجاني جيد كذلك إلى جانب القطاع الخاص، حيث لا يمكن الاستعاضة بالقطاع الخاص لدى السواد الأعظم عن القطاع الحكومي إلا بروشتة اقتصادية جديدة ترفع من مستويات الدخل لدى الأفراد من خلال السياسات النقدية والاقتصادية للدولة لتحقيق قدر من العدالة الاجتماعية حتى يمكنهم ليس فقط شراء تلك الخدمات فحسب بل وحيز من التوفير كذلك وروشتة سياسية اجتماعية تقوم على مساعدة المجتمع لبناء ذاته من الداخل من خلال جمعيات المجتمع المدني الوسيطة بين الدولة والأفراد، فهي كذلك كفيلة بتخفيف وهج القطاع الخاص المتعولم أمام الأفراد الضعفاء. ستظل الدولة مسؤولة، مسؤولية تاريخية عن تكويناتها بشكل مباشر وعن الطبقة الوسطى بالذات، لأنها الوحيدة القابلة للتلاشي دون غيرها وفي اختفائها بلاء لو تعلمون عظيم.