07 نوفمبر 2025

تسجيل

زمن الطيبين

20 أغسطس 2015

كثيراً ما نلتقي بأشخاص نقول حين نتعامل معهم بأن الشر قد طغى على الناس، وعلى العكس فهناك من نتعامل معهم فنجدنا نقول بأن الدنيا مازالت بخير، وأن القلوب مهما قست وتنكرت فإن هناك قلوباً بيضاء نقية تتمنى الخير للآخرين وتحاول منح السعادة لمن حولها، فهؤلاء لايجب أن نخسرهم أو نفقدهم، وحين نقرأ أو نسمع عن قصص هؤلاء أونلتقيهم فإننا نحاول جاهدين أن ننتقي هذه الفئة النقية لنبقي عليهم شموعاً مضيئة في حياتنا، فالقلوب الطيبة تكاد أن تصبح عملة نادرة في زماننا هذا. إن من عاش في العقود الماضية، وعاشر تلك الأجيال التي أصبحنا نسميها بزمان الطيبين يعرف جيداً كيف كان يعيش ذلك الجيل من تكاتف وحب وتعاون وأرواح سامية راقية، مترابطة، يحس كل منهم بجيرانه وإخوانه وأصحابه، ويسعى كل فرد منهم لأن يكمل الآخر، ويشارك كل منهم الآخر في فرحه وفي ترحه، فالقلوب نقية بيضاء لا تحمل إلا الصفاء لبعضها البعض، الكبير يعطف على الصغير، والصغير يحترم الكبير، والقبائل مترابطة يحكمها كبارها، والبيوت تمشي بالظوابط والمعايير المتعارف عليها والمتناقلة جيلاً بعد جيل، دون أن يخرج عن القاعدة إلا القليل، فالترابط بين أفراد العائلات والمجتمع المحيط يجعل من الأخطاء أمراً غير مقبول إلا في حالات نادرة. لقد أفقدنا "رتم" الحياة السريعة ونمطها الحديث جزءاً كبيراً جداً من تلك الايام التي بتنا نعتبرها مجرد ذكريات نلجأ لسردها والتقليب بين صفحاتها كلما واجهنا إحباط من إحباطات الحياة الحديثة، أو كلما إصطدمنا بسور البشر المتحولين كما يحلو لي أن أسميهم، والذين قد حولتهم الحضارة الحديثة والانفتاح على العالم إلى أشباه بشر، بقلوب قاسية وطباع متلونة وضمائر مستترة. وبالرغم من ذلك فإن الحياة لو خليت خربت، فكما أن هناك هذه الفئة، فإن هناك من بقايا الطيبين الذين تسعد القلوب برؤيتهم، وتضئ الدروب بوجودهم فلاحرمنا الله منهم.