08 نوفمبر 2025

تسجيل

الكيان والسلام خطان متوازيان

20 يونيو 2013

لقد قطع بعض القادة الإسرائيليين الشك باليقين، في رفض إسرائيل إقامة دولة فلسطينية، هذا جوهر ما صرّح به كل من داني دانون نائب وزير الحرب الصهيوني ونفتالي بينيت وزير الاقتصاد في الائتلاف القائم وزعيم حزب "البيت اليهودي". مؤخرا في إسرائيل يتحدثون عن "أرض إسرائيل التاريخية" وقد أنشئ في إسرائيل لوبي في الكنيست جعل من هدفه الدفاع عن هذا الشعار. في الكنيست أيضا مشاريع قرارات تمنع الحكومات الإسرائيلية من الموافقة على إقامة دولة فلسطينية. وأخرى تجعل من طرد الفلسطينيين العرب من أراضيهم بطريقة غير مباشرة إمكانية قائمة وتحد من حقوقهم في هذه الدولة العنصرية. ثم إن خطابات وتصريحات نتنياهو والقادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين تقطع الشك باليقين في إمكانية قيام سلام مع الدولة الصهيونية، فبرغم عشرين سنة من المفاوضات مع الفلسطينيين وبرغم وجود اتفاقيات ما يسمى بالسلام بين إسرائيل وبعض الدول العربية، وبرغم الاستعداد الرسمي الفلسطيني لإقامة دولة على مساحة أقل من 22% من أرض فلسطين التاريخية، وبرغم ما يسمى بمبادرة السلام العربية الأولى في عام 2002 والثانية هذا العام والتي تعلن موافقة النظام الرسمي العربي على القبول بتبادل طفيف للأراضي مع إسرائيل في حدود الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. لم يزدد رئيس الوزراء الصهيوني إلا تعنتاً وغطرسة وتنكراً للحقوق الوطنية الفلسطينية والأخرى العربية، وفرضاً للمزيد من الاشتراطات على الجانبين، فوفقاً للتصريحات: لا يمكن لإسرائيل أن توافق على تسوية بينها وبين الفلسطينيين  دون قبولهم بالاعتراف بيهودية إسرائيل واعترافهم بوجود قوات عسكرية إسرائيلية في أراضيهم في منطقة غور الأردن، كما عليهم الاستجابة لشروط ومتطلبات الأمن الإسرائيلي كافة. ومن أجل الإثبات بأنهم ليسوا عنصريين عليهم القبول بالمستوطنات والمستوطنين في هذه الدولة العتيدة. بالطبع معروفة تماماً اللاءات الإسرائيلية للحقوق الوطنية الفلسطينية.  الحكومة الإسرائيلية، وإمعانا في المضي قُدماً باستيطانها، ردت على المبادرة العربية الأخيرة التي قدمها وفد الجامعة العربية في واشنطن، ردت بالسخرية وبالموافقة على بناء مئات الوحدات الاستيطانية الجديدة في القدس الشرقية وأراضي الضفة الغربية، بالتالي فإن البعض من القادة الفلسطينيين وعندما يتصورون بإمكانية جنوح إسرائيل إلى السلام يخطئون تماماً. وينطلقون من أساس خيالي ليس إلا، لأن الواقع بكل أحداثه وتجاربه يشي ويؤكد على أن الكيان الصهيوني يفهم التسوية مع الفلسطينيين والعرب، باستسلامهم الكامل، وخضوعهم للاشتراطات الإسرائيلية، ويعتقد بالحق التاريخي لليهود في الضفة الغربية "يهودا والسامرة ". والذين سكنوا هذه المناطق منذ آلاف السنين. لذا فإن من حق اليهود العودة إلى وطنهم التاريخي وإقامة دولتهم اليهودية عليه، وإن وافقت إسرائيل على إقامة حكم ذاتي في بعض مناطق الضفة الغربية وغزة، فهذا لا يقوم على أساس حق الفلسطينيين في هذه الأرض. وإنما هو منّة إسرائيلية وتخلٍّ عن جزء من الأرض التاريخية في سبيل السلام... و"الأردن هو الوطن البديل للفلسطينيين "، هكذا يفهم الإسرائيليون التسوية.  هذا بالفعل هو جوهر خطابات نتنياهو وغيره من القادة الإسرائيليين الذين يحاولون الإيحاء بالارتباط التاريخي بين اليهود وفلسطين وأجزاء أخرى من الوطن العربي! هذا الخطاب الصهيوني يأتي في القرن الزمني الواحد والعشرين. لقد سبق لنتنياهو أن قال في أحد خطاباته: أن أي حلول مع الفلسطينيين ستكون بوجود المستوطنين والمستوطنات في الضفة الغربية، لأن المستوطنات هي عبارة عن تغييرات جغرافية وديموغرافية طبيعية. ولا وجود لدولة فلسطين على كامل حدود 1967، فإسرائيل لا تحسن الدفاع عن نفسها بعرض 9 أميال، بالتالي من حقها أن تضم إليها ما تشاؤه وما هو ضروري للدفاع عن حدودها. بالطبع يقصد من أراضي الضفة الغربية المقطعة الأوصال  والدولة العتيدة يتوجب أن تكون ناقصة من أي مظاهر سيادية وحقوق كما للدول الأخرى، حلفاء نتنياهو يكشفون زيف تصريحاته حول موافقته على إنشاء دولة فلسطينية ويقولون: إن هذه الموافقة غير صحيحة. نتنياهو يرددها للاستهلاك الإعلامي فقط! لذا فإن سلطة الدولة العتيدة (وحتى لو جرى تسميتها بالإمبراطورية) تتمثل فقط في الإشراف على القضايا الحياتية والإدارية للسكان، أي أنها في جوهرها ليست أكثر من حكم ذاتي هزيل.  للعلم ووفقاً لاستطلاعات الرأي التي جرت في الدولة الصهيونية مؤخرا، فإن شعبية نتنياهو في ارتفاع، هذه النتائج وفقاً لاستطلاع أجرته صحيفة هآرتس الصهيونية التي ذكر فيها الكاتب فيرتر في مقالة له "أثبت نتنياهو مرة أخرى أن كل ما يحتاجه هو خطابات جيدة لرفع نسب تأييده في الاستطلاعات. كما أظهر الاستطلاع أن حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو وشركاؤه المتطرفون في الائتلاف الحاكم الحالي، هم في مسار يسمح لاستمرارهم في الحكم.  ماذا يعني ذلك؟ يعني أن غالبية الإسرائيليين الذين يسكنون فلسطين المحتلة في عام 1948 هم من اليمين الصهيوني المتطرف الذي لا تمكن المراهنة عليه مستقبلا للاعتراف بأي من الحقوق الفلسطينية. لقد أثبت الشارع الإسرائيلي بعد الانتخابات التشريعية أنه يتحول نحو اليمين، لذلك ترى التشدد الحكومي الإسرائيلي الذي يزداد يوماً بعد يوم والذي يتمظهر بالمزيد من الاشتراطات! وبأمانة وموضوعية وواقعية بعيدة عن العاطفية بل انطلاقا من معطيات الواقع نسأل: هل من الممكن لفلسطيني وعربي ومسلم ومسيحي وإنساني عادل أن يتصور إمكانية قيام سلام مع هذه الدولة؟ سؤال نطرحه برسم كل الذين يتصورون ذلك.