06 نوفمبر 2025
تسجيلتمر بالكثيرين العديد من الظروف الصعبة التي تجعل المرء حائراً ويائساً، وتضيق به الظروف حتى يشعر بأنه يواجه تلك الظروف وحده وبلا معين ويشعر ويظن في لحظات ضعفه بأن لا أحد يشعر به، ويتوقع بأن الذين يحيطون به بلا مشاعر وأحاسيس وأنه تائه، ولكن في الحقيقة ربما من يكونون حوله يواجهون ظروفا أصعب من تلك الظروف التي يواجهها، والله وحده يعلم بهم وبحالهم، يقال "من يرى ظروف غيره تهون عليه ظروفه"، ولنا في كل يوم درس وعبرة مع ما يحدث حولنا من أحداث ففي كل يوم تشرق الشمس ولنا في نور شروقها رسالة وفي غروبها رسالة بأن كل يوم له بداية ونهاية، وكذلك تلك الغُمّة التي تمر بنا والظروف التي تغلبنا حينا ونغلبها حيناً أخرى ستزول بعد الشدة، عندما نكون على ثقة ويقين بأن الله عز وجل معنا يسمعنا ويرانا ويدبر أمرنا، وبأنه سيعوضنا بكرمه يكون الفرج، ومن يظن أن الظروف الصعبة والقاسية دائمة فهو واهم، تمر بنا الأيام ونرى أن دوام الحال من المحال لا شيء يبقى على حاله، الحرب ستنتهي والمظلوم سينتصر والمعتدي سينهزم وصاحب الحق سيعود له حقه، الخائف سيؤمَّن والحزين سيفرح والفقير سيغتني والمبتلى سيتعافى، والفرج آت بحول الله وقوته كل ما علينا أن نتدبر في آيات الله نتلو القرآن الكريم ونردده بقلبنا في لحظات انشغالنا ونتمسك بمبادئنا وقيمنا ونصبر بأمل ويقين بالله أينما نكون، في قصة مضت بها العديد من العبر، روى عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله عنهما أنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: بينما ثلاثة نفر يتماشون أخذهم المطر، فمالوا إلى غار في الجبل، فانحطت على فم غارهم صخرة من الجبل، فأطبقت عليهم، فقال بعضهم لبعض: انظروا أعمالا عملتموها لله صالحة، فادعوا الله بها لعله يفرجها، فقال أحدهم: اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، ولي صبية صغار كنت أرعى عليهم، فإذا رحت عليهم فحلبت، بدأت بوالدي أسقيهما قبل ولدي، وإنه ناء بي الشجر، فما أتيت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلب، فجئت بالحِلاب، فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما، والصبية يتضاغون عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا فرجة نرى منها السماء، ففرج الله لهم فرجة حتى يروا منها السماء، وقال الثاني: اللهم إنه كانت لي ابنة عم أحبها كأشد ما يحب الرجال النساء، فطلبت إليها نفسها، فأبت حتى آتيها بمائة دينار، فسعيت حتى جمعت مائة دينار، فلقيتها بها، فلما قعدت بين رجليها قالت: يا عبد الله، اتق الله ولا تفتح الخاتم فقمت عنها، اللهم فإن كنت تعلم أني قد فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج لنا منها، ففرج لهم فرجة، وقال الآخر: اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفَرَقِ أَرُزٍّ، فلما قضى عمله قال: أعطني حقي، فعرضت عليه حقه، فتركه ورغب عنه، فلم أزل أزرعه حتى جمعت منه بقرا وراعيها، فجاءني فقال: اتق الله ولا تظلمني، وأعطني حقي، فقلت: اذهب إلى ذلك البقر وراعيها، فقال: اتق الله ولا تهزأ بي، فقلت: إني لا أهزأ بك، فخذ ذلك البقر وراعيها، فأخذه فانطلق بها، فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك ابتغاء وجهك، فافرج ما بقي، ففرج الله عنهم". وفي قصة أخرى عندما حلت ظروف قاسية على الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله جاءه أحد إخوته يخفف عنه الواقعة التي حدثت معه والأذى الذي تعرض له وكتب إليه: هَذِي الْخُطُوبُ سَتَنْتَهِي يَا أَحْمَدُ.. فَإِذَا جَزِعْتَ مِنْ الْخُطُوبِ فَمَنْ لَهَا الصَّبْرُ يَقْطَعُ مَا تَرَى فَاصْبِرْ لَهَا … فَعَسَى بِهَا أَنْ تَنْجَلِي وَلَعَلَّهَا فأجابه الإمام أحمد بيقينه وثقته بالله عز وجل: صَبَّرْتَنِي وَوَعَظَتْنِي فَأَنَا لَهَا.. فَسَتَنْجَلِي بَلْ لَا أَقُولُ لَعَلَّهَا وَيَحُلُّهَا مَنْ كَانَ يَمْلِكُ عَقْدَهَا.. ثِقَةً بِهِ إذْ كَانَ يَمْلِكُ حَلَّهَا العبرة من تلك القصتين بأنه مهما كانت ظروفنا قاسية فإننا نتعافى بالله، ونتقوى بالله، ونطمئن بالله، وننتصر بالله ونتوكل على الله، إننا لا حول لنا ولا قوة إلا بالله وعندما نتوكل على الله في كل أمورنا سيأتينا الفرج والرزق والنصر من عند الله. @fyicl