18 نوفمبر 2025
تسجيلأعجبتني خاطرة وصلتني عبر الجوال من أحد الأصدقاء تتحدث عن كيفية "علاج المناقرة وكسر الخواطر"، وكيف أن أحدهم قد يتعرض في أحد التجمعات العائلية أو لقاء الأصدقاء والصحبة أو في العمل لكلام جارح، فكيف يحمي نفسه من أثر هذا الكلام الجارح؟، يقول صاحب هذه الخاطرة: عند سماعك قولاً مؤذياً أو جارحاً من زوج أو زوجة أو أخ أو أخت أو أب أو أم أو قريب أو صديق أو زميل عمل؛ يقع بالقلب ألم، وتحدث في النفس خدوش، فإذا سكت عنها وتجاوزت سُمّي هذا (الحلم والعفو) ولكن... !! كيف أتجنب هذا الألم؟ والأهم كيف أحافظ على القلب من أذى تلك الكلمات الجارحة لكي لا تصيبك أمراض مثل (الكراهية، الغل، الحسد، أو مرض جسدي أو عصبي الخ...). يشير القرآن الكريم في ثلاثة مواضع إلى هذه الوقاية التي نبحث عنها، الموضع الأول في قوله عز وجل ﻓﻲ ﻧﻬﺎﻳﺔ ﺳﻮﺭﺓ ﺍﻟﺤﺠﺮ: ﴿ ﻭَﻟَﻘَﺪ ﻧَﻌﻠَﻢُ ﺃَﻧَّﻚَ ﻳَﻀﻴﻖُ ﺻَﺪﺭُﻙَ ﺑِﻤﺎ ﻳَﻘﻮﻟﻮﻥَ * ﻓَﺴَﺒِّﺢ ﺑِﺤَﻤﺪِ ﺭَﺑِّﻚَ ﻭَﻛُﻦ ﻣِﻦَ ﺍﻟﺴّﺎﺟِﺪﻳﻦَ﴾، وفي أواخر سورة طه: ﴿ ﻓَﺎﺻﺒِﺮ ﻋَﻠﻰ ﻣﺎ ﻳَﻘﻮﻟﻮﻥَ ﻭَﺳَﺒِّﺢ ﺑِﺤَﻤﺪِ ﺭَﺑِّﻚَ ﻗَﺒﻞَ ﻃُﻠﻮﻉِ ﺍﻟﺸَّﻤﺲِ ﻭَﻗَﺒﻞَ ﻏُﺮﻭﺑِﻬﺎ ﻭَﻣِﻦ ﺁﻧﺎﺀِ ﺍﻟﻠَّﻴﻞِ ﻓَﺴَﺒِّﺢ ﻭَﺃَﻃﺮﺍﻑَ ﺍﻟﻨَّﻬﺎﺭِ ﻟَﻌَﻠَّﻚَ ﺗَﺮﺿﻰ ﴾، وفي أواخر سورة ق: ﴿ ﻓَﺎﺻﺒِﺮ ﻋَﻠﻰ ﻣﺎ ﻳَﻘﻮﻟﻮﻥَ ﻭَﺳَﺒِّﺢ ﺑِﺤَﻤﺪِ ﺭَﺑِّﻚَ ﻗَﺒﻞَ ﻃُﻠﻮﻉِ ﺍﻟﺸَّﻤﺲِ ﻭَﻗَﺒﻞَ ﺍﻟﻐُﺮﻭﺏِ ﴾، فلك أن تُلاحظ الأمر بالتسبيح بعد كلمة (يقولون) فوراً؛ أي عند سماع الكلام المؤذي، فسلامة القلب أمر مهم، وكأن التسبيح يقي القلب من أي أذى يسببه الكلام الجارح وليس وقاية فحسب، بل يورثك رضاً تشعر به يستقر في قلبك ويُحسسك بالسكينة والراحة. إن تطبيق مثل هذه الآيات الكريمة في حياتنا اليومية يقي قلوبنا ويشفي صدورنا، بل أثره أسرع مما نظن، فهنيئاً للمسبحين آناء الليل وأطراف النهار فهم في حفظ الله ورحمته، أما الذين يتباهون بطول ألسنتهم وقدرتهم على انتقاد الناس وتجريحهم والرد عليهم وأنه لا أحد يستطيع مجابهتهم أو القدرة عليهم، فإليهم قول المصطفى صلى الله عليه وسلم (إن أشر الناس منزلة يوم القيامة من يتقيه الناس مخافة لسانه) "انتهت الخاطرة". واسمحوا لي التعليق على هذه النوعية من البشر التي أخبرنا عنها رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم، ووصفهم بأشر الناس وهو دليل عظم ما يقومون به من أذى وشر على الناس، وبيان خطورة فُحش الكلام، والله جل جلاله يبغض من هذه صفته بلسان نبيه (إن الله ليبغض الفاحش البذيء). وقد وُصف الفاحش البذيء بأقبح الصفات، فعينه غمازة، ولسانه لماز، ونفسه همازة، ومجالسته شر، وصحبته ضر، وفعله العدوان، وحديثه البذاءة، لا يذكر عظيماً إلا شتمه، ولا يرى كريماً إلا سبّه وتعرض له بالسوء ونال منه وسفه عليه، سلّمنا الله وإياكم من أصحاب هذه الصفات ووقانا شرهم وخلّص مجتمعاتنا من أشكالهم، ونسأله أن يُكرمنا بالصفات الحميدة والأخلاق الرفيعة وأن يُعز هذه الأمة لإتمام مكارم الأخلاق وسمو الأنفس ونبذ كل الصفات القبيحة. فاصلة أخيرة يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه على عشرة أجزاء، تسعةٌ منها في اعتزال الناس، والعاشرة في الصمت. علي بن أبي طالب [email protected]