09 نوفمبر 2025

تسجيل

الأزمات تُعلّم

20 أبريل 2020

الأزمات إذا جاءت ذهبت بالتفكير، ونحن الآن نعيش مع جائحة "فيروس كورونا"، أي أنها لا يأتي معها إلاّ السلبيات وتكدير الخواطر وتقاذف الهموم والوساوس والقلق والشدة، وهذا صحيح، ولكن أصحاب العقول، يأخذون منها الدروس والفوائد والمنافع واستثمار الفرص، ومعرفة المصالح على المستويين الفردي والمجتمعي وعلى مستوى الدول، بإعادة الحسابات، وحسن الإدارة في الحاضر وقادم الأيام، فهي ميلاد فجر جديد، لمن يدرك أن للفجر معنى وقيمة. فهي تعطينا مساحات كبيرة في صناعة التغيير، فهي تقول لنا إننا نقدر، ونستطيع، وممكن، أستطيع، لا يوجد مستحيل..، وأن في إمكاننا أن نصنع التغيير بالإمكانات والموارد التي نمتلكها، ومن السنن الإلهية الواضحة البينة في هذا الأمر، قوله تعالى" إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ". وتمنحنا الفرص، فكم فيها من الفرص والمنح التي يجب علينا أن نغتنمها، ونزداد بها وعياً وحركة بالاعتماد على النفس والاكتفاء الذاتي في المجالات الصحية بكافة قطاعاتها، والمجال الاقتصادي والمجال الصناعي، والاستفادة من الثروة البشرية بكافة طاقتها الاستعابية، والتزاحم على المجال التقني الذي بين أيدينا سواء على الشكل الفردي او المؤسسي، وتقوية وتعزيز الجانب القيمي الأخلاقي، فإن لم نغتنم هذه الفرص ونستثمرها في هذه اللحظة، فمتى؟!. وتحدثنا وتنبهنا أننا بالغنا الكثير في المظاهر الكاذبة والمفوشر والكشخة والبذخ في الأعراس، وحتى للأسف في أيام العزاء، والتباهي والمفاخرة بالأسفار، وخروج الكثير من الرجال والنساء من جميع الأعمار- إلاّ ما رحم الله - إلى الأسواق والمجمعات من غير حاجة، والرجوع إلى المنزل في أوقات متأخرة من الليل، وهناك الكثير من المظاهر، فهل من مراجعة صادقة من الجميع مع النفس ومعاملاتنا الحياتية كفانا مظاهر خادعة والجري وراء السراب؟ فهذه الأزمة - الجائحة- إن لم تغيرنا للأحسن وأجمل ما في قادم الأيام، وإلاّ فأعدوا العدة لما هو أسوأ لا قدر الله. وتضعنا أمام مسألة مهمة وهي أننا نستطيع بكل جدارة صناعة الكفاءات الوطنية والاستفادة منها، وما تحمله من قدرات وطاقات ومهارات في كافة المجالات والتخصصات، وكذلك من الكفاءات التي تقيم على أرض الوطن، وألاّ نقف على مجال واحد نحث طلابنا وشبابنا الدخول فيه، وبعد ذلك نقف حيارى أمام التخصصات والمجالات الأخرى، والتفكير بمسؤولية في مبادرات جديدة تخدم كافة القطاعات. وتعلمنا أن التغافر والتغافل والتسامح مع القريب والغريب بل ومع الجميع، ممكن وليس بالمستحيل، فالأزمات تربي وتعلّم وتنبه وتنظف وتُطهر، أما العناد والغلظة في التعامل والتحدي وإنكار الإحسان والجفاء، وعدم قبول عذر المعتذر إذا جاءك معتذراً- شجاعة الاعتذار- اقبلها ولا تجعلها في قائمة الانتظار، فربك سبحانه وتعالى يقبل المخطئ، فكيف بكً أيها الإنسان!. "ومضة" عجيب أمرك أيها الوباء.. أيتها الجائحة.. أيها الفيروس كورونا.. لقد توقف كل شيء يغضب الله تعالى من الفواحش والمحرمات والرذائل، وحتى الإرهاب الذي هو صناعة الدول الكبرى ومن يخدمهم من الرويبضة. ولكن هل ستعود هذه المحرمات والموبقات بعد أن ترحل أيها الوباء؟ والإنسان كفرد ومجتمع ودول عرفوا حقيقة وجودهم على هذه الأرض بتعاملهم وتصالحهم مع اللطيف بهم سبحانه!. هذا ما سنراه وننتظره بعد ذهاب هذه الجائحة!.